الأوّل : حقیقة الواجب التخییری
قد عرفت فی تصویر الواجب التخیـیری أنّ الالتزام بثبوت الواجب التخیـیری فی مقابل الواجب التعیـینی ممّا لا یرد علیـه شیء من المحذورات المتوهّمـة من کونـه مستلزماً لتعلّق الإرادة بأحد الشیئین أو الأشیاء علی سبیل التردید الواقعی ، بأن یکون التعلّق بحسب الواقع ونفس الأمر مردّداً ، وکذا تعلّق البعث بأحدهما أو بأحدها علی سبیل الإبهام النفس الأمری .
وکذا عرفت أنّ ما أفاده فی الکفایـة ، من أنّـه لو کان هناک غرض واحد مترتّب علی الشیئین أو الأشیاء فلا محالـة یکون الواجب هو الجامع والقدر المشترک بینهما أو بینها ؛ لأنّـه لا یمکن صدور الغرض الواحد من المتعدّد بما هو متعدّد ، فحیث إنّ الغرض یترتّب علی الجامع فلا محالـة یکون الجامع واجباً .
محلّ نظر ، بل منع ؛ فإنّـه ـ مضافاً إلی منع ما ذکره من عدم إمکان صدور الواحد من المتعدّد ، فإنّ ذلک إنّما هو فی موارد مخصوصـة کما حقّق فی
کتابمعتمد الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 43 محلّـه یرد علیـه : أنّـه لـو سلّم ترتّب الغرض علی الجامـع فذلک لا یوجب أن یکون هو الواجب ، فإنّ الجامع قد یکون جامعاً غریباً بحیث لا یغنی توجیـه البعث إلیـه من بیان أفراده ومصادیقـه ، بل یحتاج المولی إلی تعریف المصادیق أیضاً ، فإنّـه حینئذٍ یکون البعث إلی کلّ واحد من المصادیق علی سبیل التخیـیر أسهل وأوفق ، کما لایخفی .
مضافاً إلی أنّ الکلام لیس فیما یترتّب علیـه الغرض وأنّـه هل هو واحد أو متعدّد ، ولیس التقسیم أیضاً ناظراً إلیـه ، بل التقسیم إنّما هو للوجوب باعتبار الواجب ، وهو فی لسان الدلیل متعدّد وإن کان المؤثّر فی حصول الغرض هو الجامـع والقدر المشترک بین الأفـراد ، وإلی أنّـه لا ینحصر الـواجب التخیـیری بما إذا کان هناک غرض واحد ، بل ربّما یکون للمولی غرضان یترتّب أحدهما علی أحد الشیئین والآخر علی الآخر ، ولا یمکن مع حصول أحدهما تحصیل الآخر ، أو لا یکون تحصیلـه لازماً ، وحینئذٍ فلابدّ من أن یبعث العبد نحوهما بحیث یخلّل بین البعثین کلمـة « أو » ونحوها الدالّـة علی عدم إمکان تحصیل الغرضین أو عدم لزومـه . وبالجملـة : فتصویر الواجب التخیـیری ممّا لا محذور فیـه أصلاً ، وحینئذٍ فیمکن أن یدور الأمر بینـه وبین الواجب التعیـینی .
کتابمعتمد الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 44