حال الأخبار الواردة فی مخالفـة العامّـة
المقام الثانی : فی الأخبار الواردة فیما یتعلّق بمخالفـة العامّـة فی الروایات الواردة عنهم علیهم السلام وهی أیضاً علی طائفتین :
الطائفـة الاُولی : ما یدلّ علی أنّ الخبر الموافق لهم ممّا لم یصدر أصلاً ، سواء کان لـه معارض أم لا ، کما هو مقتضی إطلاقها .
والطائفـة الثانیـة : ما وردت فی خصوص المتعارضین وأنّـه یرجّح الخبر المخالف لهم علی الموافق ، معلّلاً فی بعضها بأنّ الرشد فی خلافهم ، ولابدّ إمّا من حمل الطائفـة الاُولی علی مورد الطائفـة الثانیـة والقول باختصاص ذلک بالمتعارضین ، وإمّا من طرح تلک الطائفـة ، لعدم إمکان الالتزام بوجوب ردّ مطلق الخبر الموافق للعامّـة وإن لم یکن لـه معارض . فانقدح أنّ المستفاد من جمیع الأخبار الواردة فی المقامین أنّ هنا مرجّحان :
أحدهما : موافقـة الکتاب .
والآخر : مخالفـة العامّـة .
وتقیـید أخبار التخیـیر بذلک لا یوجب الاستهجان أصلاً ، خصوصاً بعدما عرفت من أنّـه لا یکون هذا إلاّ خبر واحد دالّ علی التخیـیر . نعم یبقی الکلام فی أمرین :
أحدهما : أنّ مقتضی إطلاق الروایات الواردة فی موافقـة الکتاب وجوب الترجیح بها ، سواء کان أحد الخبرین مخالفاً للعامّـة أم لم یکن ، وکذا مقتضی
کتابمعتمد الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 411 إطلاق الروایات الواردة فی الترجیح بمخالفـة العامّـة وجوب الأخذ بالخبر المخالف لهم ، سواء کان موافقاً للکتاب أم لا ، ومن المعلوم عدم إمکان الجمع بین المقتضیـین ، فیحصل الشکّ فی ما هو المقدّم من المرجّحین . هذا ، ولکن مصحّحـة عبد الرحمان بن أبی عبداللّٰه المتقدّمـة ترفع هذا الشکِّ، لصراحتها فی تقدّم الترجیح بموافقـة الکتاب علی الترجیح بمخالفـة العامّـة ، کما هو واضح .
ثانیهما : أنّـه ربّما یستفاد من بعض الروایات الترجیح بالأحدثیّـة وبما صدر من الحی وبغیرهما من التعبیرات ، ولکن التأمّل فیها یقضی بعدم کون المراد الترجیح بها فی مثل زماننا زمان الغیبـة ، بل المراد بها ظاهراً هو مثل ما وقع لعلی بن یقطین ، حیث أمره علیه السلام ابتداءً بالوضوء علی وفق العامّـة ، ثمّ أمره بـه علی وفق ما یقول بـه الخاصّـة ، فإنّـه لا إشکال فی أنّـه یجب الأخذ بعد صدور المتأخّر بخصوص ذلک المتأخّر ، کما لایخفی .
کتابمعتمد الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 412