انحصار المرجّح المنصوص فی موافقـة الکتاب ومخالفـة العامّـة
فنقول : إنّ العمدة فی هذا الباب هی المقبولـة والمرفوعـة ، أمّا المرفوعـة فهی قاصرة من حیث السند ، لعدم کونها منقولـة إلاّ فی کتاب عوالی اللآلی الذی طعن فیـه وفی مؤلّفـه صاحب الحدائق فی مقدّماتـه .
وأمّا المقبولـة فالتأمّل فیها یقضی بأن أکثر المرجّحات المذکورة فیها لیس مرجّحاً للروایـة ، بل إنّما هی مرجّحات لأحد الحکمین ، فإنّ الأصدقیّـة والأورعیّـة والأعدلیّـة المذکورة فیها إنّما جعلت مرجّحـة لأحد الحکمین ، ولا ارتباط لها بباب الروایـة أصلاً ، وأمّا الشهرة الفتوائیـة التی جعلت وصفاً لإحـدی الروایتین فالظاهـر أنّها أیضاً مـن مرجّحات باب الحکم وأنّ الحکم الـذی کان مستنده مشهوراً من حیث الفتوی راجـح علی الآخـر مـن غیر نظر إلی نفس المستندین .
وإن أبیت إلاّ عن دلالـة المقبولـة علی مرجّحیّـة الشهرة لإحدی الروایتین مع قطع النظر عن کونهما مستندین للحکمین فنقول : إنّ جعل الشهرة من المرجّحات حینئذٍ ممنوعـة ، لأنّ الظاهر من المقبولـة أنّ الروایـة المطابقـة
کتابمعتمد الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 405 للمشهور من مصادیق بیّن الرشد الذی یجب أن یتّبع ، وغیر المشهور الذی هو الشاذّ النادر هو من أفراد بیّن الغی الذی یجب أن یُترک ویدع ، لامن مصادیق الأمر المشکل الذی یجب أن یردّ إلی اللّٰه والرسول ، وحینئذٍ فالشهرة تمیّز الحجّـة عن اللاحجّـة ، لا أنّها مرجّحـة لإحدی الحجّتین علی الاُخری .
فانقدح : أنّ المرجّح فی مقام الفتوی الذی یدلّ علیـه المقبولـة لیس إلاّ موافقـة الکتاب ومخالفـة العامّـة .
ومن المعلوم أنّ تقیـید ما یدلّ علی التخیـیر ـ الذی عرفت انحصاره فی خبر الحسن بن الجهم المتقدّم ـ بالمقبولـة مع عدم دلالتها إلاّ علی أنّ المرجّح للروایـة أمران لیس تقیـیداً مستهجناً ، کما هو واضح . فالإشکال الأوّل حینئذٍ لا یبقی لـه مجال .
وأمّا الإشکال الثانی الذی مرجعـه إلی أنّ اختلاف الأخبار الواردة فی باب المرجّحات دلیل علی عدم لزوم الترجیح وعدم وجوبـه ، فالجواب عنـه یتوقّف علی التکلّم فی مقامین :
کتابمعتمد الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 406