التنبیه الأوّل : فی التفصیل بین الشرائط والموانع فی وجوب الاحتیاط
لا فرق فی وجوب الاحتیاط فی أطراف الشبهـة المحصورة بین الشبهـة الحکمیّـة والموضوعیّـة ، ولا فی الموضوعیّـة بین التکالیف النفسیّـة والغیریّـة ، ولا فی الثانی بین الشرائط والموانع ، فیجب تکرار الصلاة إلی أربع جهات مع اشتباه القبلـة بینها ، وفی الثوبین المشتبهین بالنجس .
وربّما یقال بعدم وجـوب الاحتیاط فی مـورد الشبهـة الموضوعیّـة فی الشرائط والموانـع ، کما هـو المحکی عـن الحلّی فـی السرائر حیث ذهب إلی وجوب الصلاة عاریاً فی مثال الثوبین ، ولعلّـه لدعوی سقوط الشرط والمانع عن الشرطیّـة والمانعیّـة ، ولکن هذه الدعوی ممنوعـة ، لأنّها بلا بیّنـة وبرهان ، هذا .
وحکی عن المحقّق القمّی التفصیل بین ما یستفاد من مثل قولـه علیه السلام :
کتابمعتمد الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 165 « لاتصلِّ فی ما لا یؤکل » وبین ما یستفاد من مثل قولـه : « لا صلاة إلاّ بطهور » ، فذهب إلی السقوط فی موارد الاشتباه فی الأوّل دون الثانی ، هذا .
والوجـه فی ذلک هو أنّ أطراف العلم الإجمالی عند هذا المحقّق تکون محکومـة بحکم الشکّ البدوی ؛ لأنّ مذهبـه عدم منجّزیـة العلم الإجمالی .
وحینئذٍ فیتّجـه التفصیل بین الشرائط والموانع ، کما هو الشأن فی موارد الشکّ البدوی ، لأنّ الشرط یجب إحرازه لتوقّف إحراز المشروط علیـه ، وأمّا المانع فیکفی فیـه مجرّد الشکّ فی تحقّقـه ، ولا یلزم إحراز عدمـه ، هذا .
واحتمل المحقّق النائینی ـ علی ما فی التقریرات ـ أن یکون الوجـه فی هذا التفصیل قیاس باب العلم والجهل بالموضوع بباب القدرة والعجز ، ثمّ أورد علیـه بأنّ هذا القیاس لیس علی ما ینبغی ، فإنّ القدرة من الشرائط لثبوت التکلیف ، والعلم بالموضوع أو الحکم من الشرائط لتنجّز التکلیف ، والمفروض أنّـه قد علم بحصول الشرط بین الأطراف ، فلا موجب لسقوطـه ، هذا . ولا یخفی فساد أصل الاحتمال وکذا الإیراد .
أمّا الاحتمال ، فلأنّ هذا القیاس لا یقتضی التفصیل بین الشرائط والموانع ، لأنّـه لو کان الجهل بالموضوع کالعجز فلا وجـه لثبوت التکلیف مطلقاً ، شرطاً
کتابمعتمد الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 166 کان أو مانعاً ، ولو لم یکن کذلک فلا وجـه لسقوطـه کذلک .
وأمّا الإیراد ، فلما مرّ غیر مرّة من أنّ القدرة لا تکون من شرائط ثبوت التکلیف ، بل العجز عذر عقلی ، وهکذا الجهل وغیره ، لعدم انحلال الخطابات بنحو العموم إلی الخطابات الشخصیّـة حتّی لا یعقل توجیهها إلی غیر القادر والجاهل ونحوهما . فالوجـه فی تفصیل المحقّق المزبور ما عرفت ، فتدبّر .
کتابمعتمد الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 167