حول استدلال «ابن قبـة» علی عدم إمکان التعبّد
ثمّ إنّـه استدلّ ابن قبـة القائل باستحالـة التعبّد بخبر الواحد ، بل بمطلق الأمارات ، کما یظهر من بعض أدلّتـه بوجهین :
أحدهما : أنّـه لو جاز التعبّد بخبر الواحد فی الإخبار عن النبیّ صلی الله علیه و آله وسلم لجاز التعبّد بـه فی الإخبار عن اللّٰـه تعالی ، والتالی باطل إجماعاً .
کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 415 ثانیهما : أنّ العمل بـه موجب لتحلیل الحرام وتحریم الحلال ؛ إذ لایؤمن أن یکون ما اُخبر بحلّیتـه حراماً ، وبالعکس .
والجواب عن الوجـه الأوّل : أنّ دعوی الملازمـة تبتنی علی کون الإخبار عن الرسول والإخبار عن اللّٰـه مثلین ؛ لعدم اختلاف الإخبار بواسطـة اختلاف المخبر بـه ، وکونـه هو اللّٰـه سبحانـه أو النبیّ صلی الله علیه و آله وسلم ، فمرجعـه إلی أنّ الإجماع قام علی نفی حجّیـة الإخبار مطلقاً ، سواء کان عن اللّٰـه أو عن النبی صلی الله علیه و آله وسلم أو عن الأئمّـة علیهم السلام . وسیأتی الجواب عن الإجماعات المنقولـة علی عدم حجّیـة الخبر الواحد ، ولو کان اختلاف المخبر بـه دخیلاً فی ذلک ، بمعنی أنّ معقد الإجماع إنّما هو خصوص الإخبار عن اللّٰـه تعالی ، لا عن غیره .
فیرد علیـه منع الملازمـة ؛ لأنّـه قیاس صرف ؛ خصوصاً مع وجود الفارق بینهما ، وهو أنّ التعبّد بالإخبار عن اللّٰـه تعالی موجب للإلقاء فی المفسدة الکثیرة ؛ ضرورة أنّ ذلک یوجب تحقّق الدواعی الکثیرة من المعتصمین بالأهویـة العالیات والمتحرّکین بتحریک الشهوات ؛ لعدم ثبوت الموازین التی علیها یعتمد ، وبها یتمیّز الصحیح عن غیره . وهذا بخلاف الإخبار عن النبیّ صلی الله علیه و آله وسلم أو الأئمّـة علیهم السلام .
هذا ، مضافاً إلی أنّ الإجماع إنّما قام علی عدم الوقوع ، لا علی الامتناع ، کما لایخفیٰ .
والجواب عن الوجـه الثانی أن یقال : إنّ هذا الوجـه ینحلّ إلی محذورات ، بعضها راجع إلی ملاکات الأحکام ، کاجتماع المفسدة والمصلحـة الملزمتین ، وبعضها راجع إلی مبادئ الخطابات ، کاجتماع الإرادة والکراهـة ، والحبّ
کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 416 والبغض ، وبعضها راجع إلی نفس الخطابات ، کاجتماع الضدّین أو النقیضین أو المثلین ، وبعضها راجع إلی لازم الخطابات ، کالإلقاء فی المفسدة وتفویت المصلحـة ، والواجب دفع المحذورات بأجمعها فنقول :
کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 417