الأمر الثالث : إحراز المصداق بالأصل فی الشبهـة المصداقیـة
هل یجوز إحراز کون الفرد المشکوک انطباق عنوان الخاصّ علیـه من أفراد العامّ بما هو حجّـة بالأصل الموضوعی مطلقاً ، أو لایجوز کذلک ، أو یفصّل بین الاُصول العدمیـة الأزلیـة وغیرها ؟ وجوه بل أقوال :
صریح محکی المقالات هو الوجـه الثانی .
قال فی محکیّ کلامـه ما ملخّصـه : إنّ التخصیص لایوجب تضییقاً فی العامّ حتّیٰ بالنسبـة إلی الإرادة الجدّیـة ؛ لأنّـه بمنزلـة موت بعض الأفراد ، فکما أنّ موت بعض أفراده لایوجب تغییراً فی العامّ بل هو باقٍ علیٰ عمومـه کذلک التخصیص ؛ لأنّ موضوع الحکم بعده أیضاً هو کلّ عالم مثلاً ، وحینئذٍ فهو لایوجب أن یکون العامّ معنوناً بعنوان غیر الخاصّ حتّیٰ یثبت ذلک العنوان بالاُصول العدمیـة ، فاستصحاب عدم فسق زید ـ سواء کان من الاُصول الأزلیـة أو کان استصحاباً لحالتـه السابقـة التی علم فیها بعدالتـه وعدم کونـه فاسقاً ـ إنّما یجری علیـه نفی الحکم المترتّب علی الفسّاق ، ولایثبت بـه حکم العامّ ؛ لکونـه لازماً عقلیّاً ، کما هو واضح .
وقد عرفت : أنّ العامّ لایکون معنوناً بغیر عنوان الخاصّ حتّیٰ یثبت بالاستصحاب ذلک العنوان ، فیترتّب علیـه حکم العامّ .
نعم لو کان رفع الشکّ فی المورد المشکوک بید الشارع ، کما فی الصلح والشرط المشکوک کونهما مخالفین للکتاب والسنّـة فیبطلان أو موافقین لهما فیصحّان ، لابأس بالرجوع إلیٰ عمومات أدلّـة الصلح والشرط . انتهیٰ .
کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 289 أقول : ممّا ذکرنا فی مسألـة أنّ التخصیص لایوجب مجازیـة العامّ ، ظهر لک أنّ التخصیص وإن لم یوجب تضییقاً فی موضوع حکم العامّ بحیث ینقلب الموضوع بعده کما فی المطلق والمقیّد ، إلاّ أ نّـه یکشف عن کون الإرادة الجدّیـة مقصورة علیٰ ما عدا مورد الخاصّ ، ولیس التخصیص بمنزلـة موت بعض الأفراد الذی لایوجب تغییراً فی العامّ .
وسرّه : أنّ قولـه : أکرم کلّ عالم ، إنّما یشمل علیٰ حکم واحد متعلّق بجمیع أفراد العالم ، فهو قضیّـة حقیقیّـة یکون المحمول فیها ثابتاً علیٰ جمیع أفراد الموضوع المحقّقـة والمقدّرة ، وموت بعض أفراد الموضوع لایضرّ بها ؛ إذ لیس لکلّ مصداق حکم علی حدة حتّیٰ ینتفی بانتفائـه ، بل هو حکم واحد ثابت علی الجمیع ، غایـة الأمر اختلافـه سعةً وضیقاً بالموت وعدمـه ، ولکن ذلک لایوجب انقلاب الموضوع ، بخلاف التخصیص ؛ فإنّـه یوجب قصر الموضوع فی الإرادة الجدّیـة علیٰ ما عدا مورد الخاصّ وإن لم یوجب تقیید موضوع الحکم المنشأ متعلّقاً بالعموم .
وبالجملـة ، فقیاس التخصیص علیٰ موت بعض المصادیق فاسد جدّاً .
وأمّا ماذکره من جواز التمسّک فی المثالین فقد عرفت أنّ النزاع فی المقام فی الشبهـة المصداقیـة للمخصّص التیکان منشأها اشتباه الاُمورالخارجیـة فإثبات الجواز فی غیر المقام من الشبهات الحکمیـة لیس تفصیلاً فی مورد النزاع ، کما هو واضح .
هذا ، وصریح الکفایـة هو القول الأوّل .
وحکی الاُستاذ عن شیخـه المحقّق المعاصر أ نّـه قال فی مجلس درسـه
کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 290 فی تقریب هذا القول ما ملخّصـه : أنّ العوارض علیٰ قسمین : قسم یعرض الماهیّـة مع قطع النظر عن الوجودین : الذهنی والخارجی بحیث لو کان للماهیـة تقرّر وثبوت فی غیر عالم الوجود ، لکان یعرضها ، کالزوجیـة العارضـة لماهیّـة الأربعـة فی عالم التقرّر ، وقسم یعرض الوجود کالأبیضیـة الحاصلـة للجسم الموجود ، والفاسقیـة والقرشیـة وغیرها من العوارض القائمـة بالوجود ، وحینئذٍ نقول : لابأس فی القسم الثانی بجریان استصحاب عدم تلک الأوصاف بالنسبـة إلیٰ موصوفها وإن کان الموصوف حینما یتحقّق لایخلو من اتّصافـه بذلک الوصف ، بمعنی أ نّـه لو کان متّصفاً بـه ، لکان ذلک من أوّل وجوده وتحقّقـه ، کوصف القرشیـة ؛ لإمکان أن یقال : هذه المرأة ـ مشیراً إلیٰ ماهیّتها ـ لم تکن قبل الوجود قرشیـة ، فیستصحب ذلک إلیٰ زمان الوجود .
کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 291