الأمر الرابع : فی أقسام العموم
ثمّ إنّ للعموم أقساماً من الاستغراقی والمجموعی والبدلی ، والمراد بالأوّل هو الشمول لجمیع الأفراد بلا لحاظ الوحدة بینهما ، وبالثانی هو جمیعها مع ملاحظـة کونها شیئاً واحداً ، وبالثالث هو الشمول بحیث یکتفی بواحد منها فی مقام الامتثال .
والظاهر أنّ کلمـة «کلّ» ونظائرها تدلّ علی العموم الاستغراقی ، ولعلّ کلمـة المجموع دالّـة علی المجموعی .
والظاهر أیضاً أنّ کلمـة «أیّ» ونظائرها تدلّ علی البدلی .
ولایخفی أنّ هذه الأقسام الثلاثـة ثابتـة للموضوع مع قطع النظر عن تعلّق الحکم بـه ، کما یشهد بمراجعـة العرف ، فإنّـه لو سمع أحد منهم «کلّ رجل» مثلاً لایفهم منـه إلاّ العموم الاستغراقی ولو لم یعلم حکم ذلک الموضوع فضلاً عن کیفیّـة تعلّقـه بـه .
کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 266 فما ذکره صاحب الکفایـة ـ وتبعـه بعض من أجلاّء تلامذتـهـ من أنّ هذه الأقسام إنّما هی بلحاظ کیفیّـة تعلّق الأحکام ، وإلاّ فالعموم فی الجمیع بمعنیٰ واحد وهو الشمول ، ممّا لایصحّ أصلاً ؛ فإنّ الجمع بین ذلک وبین کون کلّ واحد منها مدلولاً علیـه بلفظ غیر ما یدلّ علی الآخر ـ کما اعترف فی حاشیـة الکفایـةـ مستبعد جدّاً ؛ فإنّ دلالـة الألفاظ علیٰ ما وُضعت بإزائها لایرتبط بباب تعلّق الأحکام أصلاً ، کما هو واضح لایخفیٰ .
ثمّ إنّ هذا التقسیم لایجری فی باب الإطلاق أصلاً ؛ ضرورة أنّ معنی الإطلاق هو مجرّد کون المذکور تمام الموضوع لحکمـه المجعول بلا مدخلیّـة لشیء آخر ، فقولـه : جئنی برجل ، لایفید إلاّ مجرّد کون الغرض مترتّباً علیٰ مجیء الرجل ، وأمّا شمولـه لجمیع ما یصدق علیـه والتخییر بینـه فهو حکم عقلی مترتّب علیٰ تعلّق الحکم بنفس الطبیعـة ، لا أ نّـه یستفاد من الکلام هذا النحو من الإطلاق .
والدلیل علیٰ ذلک أ نّـه لو کان المستفاد من الکلام الإطلاق الذی یسمّونـه بالإطلاق البدلی ، لکان قولـه بعد هذا الکلام : «أیّ رجل» تأکیداً لاستفادة مضمونـه من قولـه : جئنی برجل ، مع أ نّـه لیس کذلک بداهـة ، بل إنّما هو تصریح بما یحکم بـه العقل بعد تعلّق الحکم بنفس الطبیعـة من التخییر بین أفرادها .
ولایتوهّم أ نّـه تصریح بالإطلاق ؛ فإنّ معنی التصریح بـه هو أن نقول : إنّ تمام الموضوع الحکمی هو الرجل مثلاً من دون قید لا أن نقول بما یحکم بـه العقل بعد استفادة الإطلاق ، فتدبّر .
کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 267