الأمر الرابع : فی اعتبار وحدة المنطوق والمفهوم إلاّ فی الحکم
لابدّ ـ بناءً علیٰ ثبوت المفهوم ـ من أخذ جمیع القیود المأخوذة فی الشرط أو الجزاء فی ناحیـة المفهوم أیضاً ، فقولـه : إن جاءک زید وأکرمک فأکرمـه یوم الجمعـة ، یکون مفهومـه هکذا : إن لم یجئک زیدٌ أو لم یکرمک فلا تکرمـه یوم الجمعـة .
وکذا لا إشکال فی أنّ المنفی فی المفهوم فیما لو کان الحکم فی المنطوق حکماً مجموعیاً هو نفی المجموع بحیث لاینافی ثبوت البعض .
وإنّما الإشکال فیما إذا کان الحکم فی المنطوق حکماً عامّاً ، فهل المنفی فی المفهوم نفی ذلک الحکم بنحو العموم ، أو نفی العموم الغیر المنافی لثبوت البعض ؟
مثلاً : قولـه علیه السلام : «الماء إذا بلغ قدر کرّ لاینجّسـه شیء» هل یکون مفهومـه أنّـه إذا لم یبلغ ذلک المقدار ینجّسـه جمیع الأشیاء النجسـة ، أو أنّ مفهومـه : تنجّسـه بالشیء الغیر المنافی لعدم تنجّسـه ببعض النجاسات ؟ وهذا هو النزاع المعروف بین صاحب الحاشیـة والشیخ ، وقد بنی الشیخ المسألـة علی أنّ کلمـة «الشیء» المأخوذة فی المنطوق هل اُخذت مرآتاً للعناوین النجسـة ، مثل البول والمنی والدم وغیرها بحیث کأنّها مذکورة بدلـه ، أو أنّها مأخوذة بعنوانـه بحیث لابدّ من أخذه فی المفهوم بعنوانـه ؟ فعلی الأوّل یصیر مفهومـه یتنجّس الماء القلیل بجمیع أنواع النجاسات ، وعلی الثانی لاینافی عدم تنجّسـه
کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 255 ببعضها ، کما لایخفیٰ .
هذا ، وأنت خبیر بأنّ المفهوم عبارة عن انتفاء الحکم فی المنطوق عند انتفاء الشرط مثلاً ، لا ثبوت حکم نقیض الحکم فی المنطوق ، وحینئذٍ فمفهوم المثال عبارة عن أنّ الماء إذا لم یبلغ قدر کرّ لیس بلاینجّسـه شیء لا أنّـه ینجّسـه شیء حتّیٰ یقال بأنّ النکرة فی الإثبات لایفید العموم ، بل مدلول القضیّـة المفهومیـة هو انتفاء الحکم المنشأ فی المنطوق ، وانتفاؤه فی المقام لاینافی ثبوت التنجّس بجمیع النجاسات ، کما أنّـه لاینافی ثبوتـه ببعضها ، ولا دلالـة لها علی أحد الأمرین أصلاً .
ویظهر الکلام فی مفهوم الوصف ممّا تقدّم فی مفهوم الشرط .
کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 256