أقسام الواجب الکفائی
والتحقیق فی المقام أن یقال : إنّ الواجب الکفائی علی أقسام :
منها : ما لایکون للطبیعـة المأمور بها إلاّ فرد واحد بمعنی أنّـه لایعقل تحقّقها بعد وجود فرد واحد منها ، کقتل سابّ النبی ودفن المیّت وأمثالهما .
ومنها : ما یکون لها أفراد متعدّدة ووجودات متکثّرة بمعنی أنّـه یمکن أن تتحقّق الطبیعـة بعد تحقّق فرد واحد منها کالصلاة علی المیّت ونحوها .
وعلی التقدیر الثانی قد یکون المأمور بـه هو الفرد الواحد منها ، وقد یکون هو صرف وجودها الصادق علی الأفراد المتعدّدة ، وعلی التقدیرین قد یکون الفرد الآخر أو صرف وجودها الآخر مبغوضاً للمولیٰ ، وقد یکون لا محبوباً ولا مبغوضاً ، وعلی التقادیر قد یکون المکلّف هو صرف وجوده وقد یکون هو الجمیع .
إذا عرفت ذلک ، فنقول : أمّا إذا لم یکن للطبیعـة المأمور بها إلاّ فرد واحد ووجود فارد ، فلا معنی لأن یکون التکلیف فیـه متعلّقاً بکلّ واحد من المکلّفین أو بصرف وجوده ؛ إذ من الواضح أنّ البعث إنّما هو لغرض الانبعاث ، ولایعقل أن ینبعث المکلّفین إلیٰ عمل لایمکن تحقّقـه إلاّ من واحد منهم ، وهل یعقل أن یأمر المولیٰ عبیده بشرب الماء الموجود فی الإناء الذی لایمکن تحقّقـه إلاّ من واحد من عبیده ؟ هکذا لو کان التکلیف متعلّقاً بصرف وجود المکلّف ؛ لأنّـه یصدق علی الجمیع أیضاً ، فلابدّ إمّا أن یقال بکون الخطاب فی أمثال المثال مشروطاً بعدم إتیان الآخر بـه ، وإمّا أن یقال بالنحو الذی ذکرنا فی الواجب التخییری ، غایـة الأمر أنّ التخییر هاهنا بالنسبـة إلی المکلّف وهناک بالنسبـة إلی المکلّف بـه ، وإمّا أن یقال بأنّ المکلّف إنّما هو واحد من الأناسی المنطبق علیٰ جمیعهم .
کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 160 ومن هنا یظهر : حال ما إذا کانت للطبیعـة أفراد متعدّدة ، ولکن کان فرد واحد منها متعلّقاً للأمر ، سواء کان الزائد علیـه مبغوضاً أو غیر مبغوض ، فإنّـه لایعقل أن یکون التکلیف بـه متوجّهاً إلیٰ جمیع المکلّفین أو إلیٰ صرف وجود المکلّف بالتقریب المتقدّم .
وأمّا إذا کان المأمور بـه هو صرف وجود الطبیعـة ، فیمکن أن یکون التکلیف متعلّقاً بصرف وجود المکلّف .
فتحصّل ممّا ذکرنا : أنّ ما فی تقریرات المحقّق النائینی من کون التکلیف متوجّهاً إلیٰ صرف وجود المکلّف من دون التفریق بین الأقسام المذکورة لایتمّ أصلاً ، کما لایخفیٰ .
کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 161
کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 162