الأمر الرابع : فی ثمرة المسألـة
اعلم أنّ المشهور ذکروا فی ثمرة القول بالاقتضاء وعدمـه أنّ القول بالاقتضاء بضمیمـة أنّ النهی فی العبادات یوجب البطلان ینتج بطلان الضدّ لو کان عبادةً ، بخلاف القول بالعدم .
هذا ، ولکن لایخفی انتفاء الثمرة وصحّـة العبادة حتیٰ علی القول بالاقتضاء ، فإنّک عرفت أنّ منشأ القول بالاقتضاء إمّا توهّم مقدّمیـة ترک الضدّ لفعل الضدّ الآخر ، وإمّا توهّم الملازمـة بینهما ، وعلی التقدیرین لایثبت بطلان العبادة .
أمّا علیٰ تقدیر المقدّمیـة : فلأنّ النهی الناشئ من جهتها نهی مقدّمی غیری ، والنهی الذی یؤثّر فی بطلان متعلّقـه إذا کان عبادةً هو النهی الذی کان عن ملاک
کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 124 من المفسدة فی المنهیّ عنـه .
وأمّا مجرّد تعلّق النهی بشیء لا لأجل اشتمالـه علیٰ مفسدة ملزمـة ، بل لغرض التوصّل إ لیٰ شیء آخر ، فلایکون مؤثّراً فی البطلان ، فإنّ الوجـه فیـه هو امتناع أن یکون ما هو المبغوض الذی یوجب البُعد عن المولیٰ مقرّباً للعبد منـه ، کما لایخفیٰ ومن المعلوم أنّ هذا لایتحقّق فی النهی الغیری ، فإنّ المنهیّ عنـه بهذا النهی لایکون مبغوضاً للمولی أصلاً ، وأداء فعلـه إ لیٰ ترک مطلوبـه لایوجب مبغوضیـة ذلک الفعل ، بل المبغوض هو ترک المطلوب لا ما یؤدّی إ لیـه ، کما هو واضح .
ومن هذا یظهر أ نّـه لو قلنا بالاقتضاء من جهـة الملازمـة فلایستلزم النهی الناشئ من جهـة الملازمـة بطلان المنهی عنـه أصلاً ؛ فإن تعلّق النهی بسبب الملازمـة لایوجب مبغوضیـة متعلّقـه فی حدّ ذاتـه حتّیٰ یمتنع أن یکون مقرّباً ، کما هو واضح ، فالثمرة منتفیـة ، والعبادة صحیحـة مطلقاً قلنا بالاقتضاء أم لا ، وعلی الأوّل لا فرق بین أن یکون الاقتضاء مستنداً إ لی المقدّمیـة أو إ لی الملازمـة .
هذا ، وحکی عن البهائی وجماعـة أ نّهم أنکروا الثمرة وحکموا ببطلان العبادة مطلقاً ؛ نظراً إ لی أنّ صحّتها متوقّفـة علی تعلّق الأمر الفعلی بها ، وحینئذٍ فلو لم نقل بالاقتضاء وأنّ الضدّ یصیر منهیّاً عنـه فلا أقلّ من عدم تعلّق الأمر الفعلی بـه ؛ لامتناع تعلّق الأمر بالمتضادّین ، فبطلانـه لو کان عبادةً یستند علیٰ هذا إ لی عدم تعلّق الأمر بـه ، کما أنّ بطلانـه بناءً علی الاقتضاء مسبّب عن تعلّق النهی بـه ، فالضدّ العبادی باطل علی أیّ تقدیر .
کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 125 واُجیب عنـه بوجهین :
أحدهما : ما ذکره فی الکفایـة من منع کون صحّـة العبادة متوقّفةً علیٰ تعلّق الأمر الفعلی بها ، بل یکفی مجرّد المحبوبیـة للمولیٰ ، والضدّ بناءً علیٰ عدم حرمتـه یکون کذلک ، فإنّ المزاحمـة علیٰ هذا لایوجب إلاّ ارتفاع الأمر المتعلّق بـه فعلاً مع بقائـه علیٰ ما هو علیـه من ملاکـه ؛ لعدم حدوث ما یوجب مبغوضیتـه وخروجـه عن قابلیـة التقرّب بـه کما حدث بناء علی الاقتضاء .
ثانیهما : عن المحقّق الکرکی وجماعـة ممّن تأخّر عنـه من منع إطلاق مقالـة البهائی ، فإنّها تجری فی خصوص المتزاحمین المضیّقین ، وأمّا لو فرض وقوع التزاحم بین مضیّق وموسّع ، کما لو فرض مزاحمـة الصلاة فی بعض أوقات وجوبها لواجب آخر مضیّق ، ففی مثل هذا یمکن القول بصحّـة الفرد المزاحم من الصلاة لذلک الواجب ولو قلنا بتوقّف صحّـة العبادة علی الأمر .
کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 126