مناقشـة الشیخ الأنصاری فی الثمرة
وربّما اُورد علیٰ تفریع هذه الثمرة ـ کما فی التقریرات المنسوبـة إلی الشیخ الأنصاری قدس سره ـ بما حاصلـه أنّ فعل الضدّ وإن لم یکن نقیضاً للترک الواجب مقدّمـة بناءً علی المقدّمـة الموصلـة إلاّ أنّـه لازم لما هو من أفراد النقیض حیث إنّ نقیض ذاک الترک الخاصّ ، وهو أعمّ من الفعل والترک المجرّد ، وهذا یکفی فی إثبات الحرمـة ، وإلاّ لم یکن الفعل محرّماً ولو بناء علی القول بوجوب مطلق المقدّمـة ؛ لأنّ الفعل أیضاً لیس نقیضاً للترک ، لأنّـه أمر وجودی ، ونقیض الترک إنّما هو رفعـه ، ورفع الترک الذی هو أمر عدمی لایمکن أن یتّحد مع الفعل الذی هو أمر وجودی ، فکما أنّ مجرّد الملازمـة بین نقیض الترک والفعل یکفی فی اتّصافـه بالحرمـة فکذلک تکفی فی المقام ، غایـة الأمر أنّ مصداق النقیض للترک إنّما ینحصر فی الفعل فقط ، وأمّا نقیض الترک الخاصّ فلـه مصداقان ، وذلک لایوجب تفاوتاً بینهما فیما نحن بصدده ، کما لایخفیٰ .
وأجاب عن الإیراد المحقّقُ الخراسانی قدس سره فی الکفایـة حیث قال : وأنت خبیر بما بینهما من الفرق ، فإنّ الفعل فی الأوّل لایکون إلاّ مقارناً لما هو النقیض
کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 92 من رفع الترک المجامع معـه تارة ومع الترک المجرّد اُخریٰ ، ولایکاد تسری حرمـة الشیء إلیٰ ما یلازمـه فضلاً عمّا یقارنـه أحیاناً .
نعم لابدّ أن لایکون الملازم محکوماً فعلاً بحکم آخر علیٰ خلاف حکمـه ، لا أن یکون محکوماً بحکمـه ، وهذا بخلاف الفعل فی الثانی ، فإنّـه بنفسـه یعاند الترک المطلق وینافیـه لا ملازم لمعانده ومنافیـه ، فلو لم یکن عین ما یناقضـه بحسب الاصطلاح مفهوماً لکنّـه متّحد معـه عیناً وخارجاً ، فإذا کان الترک واجباً فلا محالـة یکون الفعل منهیاً عنـه قطعاً ، فتدبّر جیّداً . انتهیٰ .
والتحقیق أن یقال : إنّـه لو قلنا بأنّ نقیض کلّ شیء رفعـه الذی هو أمر عدمی وقلنا بأنّ وجوب الشیء إنّما یقتضی حرمـة النقیض فقط ، فلا إشکال فی أنّ الفعل لایصیر محرّماً حتّیٰ بناء علی القول بوجوب مطلق المقدّمـة ؛ لأنّ نقیض الترک المطلق رفعـه الذی هو عبارة عن ترک الترک ، فالحرمـة إنّما یتعلّق بهذا ، ومن المعلوم عدم اتّحاده مع الفعل أصلاً ؛ لأنّـه یستحیل أن یتّحد الحیثیـة العدمیـة مع الحیثیـة الثبوتیـة الراجعـة إلیٰ حیثیـة طرد العدم ، فیمتنع أن یکون النور عین عدم الظلمـة ، وغیر ذلک من الأمثلـة .
ومجرّد الملازمـة بینهما لایوجب سرایـة الحکم من النقیض إلیٰ ما یلازم معـه ، وهو الفعل ، بل غایتـه أن لایکون الفعل محکوماً بحکم یخالف حکم النقیض ، لا أن یکون محکوماً بحکمـه .
ولو قلنا بأنّ نقیض کلّ شیء رفعـه ، أو کون الشیء مرفوعاً بـه ، فنقیض الأمر الوجودی رفعـه الذی عبارة عن الأمر العدمی ، ونقیض الأمر العدمی الأمرُ الوجودی لارتفاعـه بـه ، وقلنا بأنّ الحرمـة تتعلّق بنفس النقیض ، فلا إشکال فی
کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 93 حرمـة الفعل بناء علیٰ أن یکون الواجب هو الترک المطلق ؛ لأنّ الفعل حینئذٍ یکون نقیضاً لـه ، لا أن یکون ملازماً لما هو النقیض لارتفاع الترک بمجرّد الفعل ، وأمّا بناء علی القول بالمقدّمـة الموصلـة وأنّ الواجب هو الترک الموصل ، فلایکون الفعل بنفسـه نقیضاً للترک الخاصّ ، فلایتّصف بالحرمـة ، لا لأنّ الفعل لایکون إلاّ مقارناً لما هو النقیض من رفع الترک الخاصّ المجامع معـه تارة ومع الترک المجرّد اُخریٰ ، کما یظهر من الکفایـة فی العبارة المتقدّمـة ، وذلک لأنّ المقارنـة ممنوعـة ، فإنّ معناها کما فی سائر الموارد یرجع إلی إمکان الانفکاک ، ومن المعلوم استحالتـه فی المقام ، فإنّـه مع وجود الفعل لایمکن أن لایکون معـه رفع الترک الخاصّ ، ومع عدمـه لایکون هنا شیء حتّیٰ یقال بانفکاک النقیض عنـه ، کما أنّ انطباق الإنسان علیٰ زید وصدقـه علیـه یتوقّف علیٰ وجوده ، وإلاّ فمع عدمـه لایصدق علیـه أصلاً ، فمجرّد ذلک لایوجب أن یقال بأنّ الإنسان مقارن لزید ، کما هو واضح ، بل لأجل أنّ المفروض عدم سرایـة الحکم من النقیض إلیٰ شیء آخر .
ولو قلنا بأنّ مجرّد المعاندة والمنافرة یکفی فی حرمـة الشیء لأنّ النقیض عبارة عمّا یعاند الشیء بحیث لایمکن اجتماعهما ولا ارتفاعهما ، أو قلنا بأنّ مجرّد انطباق النقیض علیٰ شیء یکفی فی اتصافـه بالحرمـة وإن لم یتّحد معـه ، فلا إشکال فی حرمـة الفعل علی القولین ، کما هو واضح لایخفیٰ .
کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 94