نقل وتحصیل : فی ضابط قیود الهیئـة والمادة
ثمّ إنّـه ذکر بعض الأعاظم قدس سره فی مقام بیان الفرق بین شروط الأمر والوجوب وبین شروط المأمور بـه والواجب أنّ القیود علیٰ نحوین :
أحدهما : ما یتوقّف اتّصاف الفعل بکونـه ذا مصلحـة علیٰ حصولـه فی الخارج ، کالزوال والاستطاعـة بالنسبـة إلی الصلاة والحجّ ، فإنّ الصلاة لاتکون ذات مصلحـة إلاّ بعد تحقّق الزوال ، وکذلک الحج بالإضافـة إلی الاستطاعـة ، وأمّا قبل تحقّق هذین القیدین فلایری المولیٰ مصلحـة فی الصلاة والحجّ ، ولهذا یأمر بهما معلّقاً أمره علیٰ تحقّق هذین القیدین فی الخارج .
ثانیهما : القیود التی تتوقّف فعلیـة المصلحـة وحصولها فی الخارج علیٰ تحقّقها ، فلا تکاد تحصل تلک المصلحـة فی الخارج إلاّ إذا اقترن الفعل بتلک القیود
کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 40 والشروط ، کالطهارة والستر والاستقبال ونحوها بالإضافـة إلی الصلاة .
ثمّ قال : وبلحاظ هذا الفرق بین النحوین من القیود صحّ أن یقال للنحو الأوّل : شروط الأمر والوجوب ، وللنحو الثانی : شروط المأمور بـه والواجب .
ثمّ قال : ویمکن تقریب کلا النحوین من القیود الشرعیـة ببعض الاُمور الطبیعیّـة العرفیـة .
مثلاً : شرب المسهل قبل أن یعتری الإنسان مرض یستدعیـه لا مصلحـة فیـه تدعو الإنسان إلیـه أو الطبیب إلی الأمر بـه مطلقاً . نعم یمکن أن یأمر بـه معلّقاً علی الابتلاء بالمرض ، فیقول للإنسان : إذا مرضت بالحمیٰ مثلاً فاشرب المسهل ، فالمرض یکون شرطاً لتحقّق المصلحـة فی شرب المسهل ، وأمّا المنضج فهو شرط فعلیـة أثر المسهل ومصلحتـه ، ولهذا یترشّح علیـه أمر غیری من الأمر النفسی المتعلّق بالمسهل ، فیقول الطبیب للمریض : اشرب المنضج أوّلاً ثمّ اشرب المسهل . انتهی کلامـه علیٰ ما فی التقریرات المنسوبـة إلیـه قدس سره .
وأنت خبیر بأنّ ما ذکره : من المناط فی شرائط الوجوب وشرائط الواجب لایتمّ ، بل مورد للنقض طرداً وعکساً ، فإنّ ما یتوقّف علیـه اتّصاف الفعل بکونـه ذا مصلحـة یمکن أن لایکون قیداً للأمر ، بل للمأمور بـه ، فإنّـه یمکن أن یأمر المولیٰ بالحج عقیب الاستطاعـة ، لا أن یکون أمره مشروطاً بتحقّقها ، غایـة الأمر أنّـه یلزم أن یکون تحصیلها واجباً ؛ لأنّ المصلحـة متوقّفـة علیـه ، ولا منافاة بین توقّف المصلحـة علیٰ شیء وعدم کون الأمر معلّقاً علیـه ، کما أنّـه یمکن أن لایکون للقید دخل فی حصول المصلحـة ، ولکن کان الأمر معلّقاً علیٰ وجوده ، کما فیما ذکرناه من المثال المتقدّم فی القسم الأخیر من الأقسام الأربعـة المتقدّمـة ، فإنّ
کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 41 ترتّب المصلحـة علیٰ ضیافـة زید مثلاً قد لایتوقّف علیٰ نزولـه فی منزل المضیف ولکن یمکن أن یکون أمره معلّقاً علیـه .
وبالجملـة فجعل هذا هو الملاک فی شرائط الوجوب منقوض طرداً وعکساً ، کما عرفت ، ومنـه یظهر بطلان ما ذکره ملاکاً لشرائط الواجب ، کما لایخفیٰ .
فالمناط فیهما هو ما ذکرناه : من أنّ شرائط الوجوب عبارة عن القیود التی لایکون لها دخل فی تحقّق المراد بمعنیٰ عدم مدخلیّتـه فی تعلّق الإرادة بـه ، کما أنّ شرائط الواجب هی التی لها مدخلیـة فی حصول الغرض الباعث علیٰ تعلّق الإرادة .
کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 42