فصل:فی المهر
ویقال له:الصداق.
(مسألة 1): کلّ ما یملکه المسلم یصحّ جعله مهراً؛عیناً کان أو دیناً أو منفعة لعین مملوکة؛من دار أو عقار أو حیوان.ویصحّ جعله من منفعة الحرّ کتعلیم صنعة ونحوه من کلّ عمل محلّل،بل الظاهر صحّة جعله حقّاً مالیاً قابلاً للنقل والانتقال کحقّ التحجیر ونحوه.ولا یتقدّر بقدر،بل ما تراضی علیه الزوجان کثیراً کان أو قلیلاً؛ما لم یخرج بسبب القلّة عن المالیة.نعم،یستحبّ فی جانب الکثرة أن لا یزید علی مهر السنّة،و هو خمسمائة درهم.
(مسألة 2): لو جعل المهر ما لا یملکه المسلم-کالخمر و الخنزیر-صحّ العقد وبطل المهر،فلم تملک شیئاً بالعقد،و إنّما تستحقّ مهر المثل بالدخول.
نعم،فیما إذا کان الزوج غیر مسلم تفصیل.
(مسألة 3): لا بدّ من تعیین المهر بما یخرج عن الإبهام،فلو أمهرها أحد
کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. ۲)صفحه 319 هذین أو خیاطة أحد الثوبین-مثلاً-بطل المهر دون العقد،وکان لها مع الدخول مهر المثل.نعم،لا یعتبر فیه التعیین الذی یعتبر فی البیع ونحوه من المعاوضات،فیکفی مشاهدة الحاضر و إن جهل کیله أو وزنه أو عدّه أو ذرعه، کصبرة من الطعام،وقطعة من الذهب،وطاقة مشاهدة من الثوب،وصبرة حاضرة من الجوز،وأمثال ذلک.
(مسألة 4): ذکر المهر لیس شرطاً فی صحّة العقد الدائم،فلو عقد علیها ولم یذکر لها مهراً أصلاً صحّ العقد،بل لو صرّح بعدم المهر صحّ،ویقال لذلک؛أی لإیقاع العقد بلا مهر:تفویض البضع،وللمرأة التی لم یذکر فی عقدها مهر:
مفوّضة البضع.
(مسألة 5): لو وقع العقد بلا مهر لم تستحقّ المرأة قبل الدخول شیئاً إلّاإذا طلّقها،فتستحقّ علیه أن یعطیها شیئاً بحسب حاله من الغنی و الفقر و الیَسار والإعسار من دینار أو درهم أو ثوب أو دابّة أو غیرها،ویقال لذلک الشیء:
المتعة.ولو انفسخ العقد قبل الدخول بأمر غیر الطلاق لم تستحقّ شیئاً،وکذا لو مات أحدهما قبله.و أمّا لو دخل بها استحقّت علیه بسببه مهر أمثالها.
(مسألة 6): الأحوط فی مهر المثل هنا التصالح فیما زاد عن مهر السنّة،وفی غیر المورد ممّا نحکم بمهر المثل ملاحظة حال المرأة وصفاتها؛من السنّ والبکارة و النجابة و العفّة و العقل و الأدب و الشرف و الجمال و الکمال وأضدادها، بل یلاحظ کلّ ما له دخل فی العرف و العادة فی ارتفاع المهر ونقصانه،فتلاحظ أقاربها وعشیرتها وبلدها وغیر ذلک أیضاً.
(مسألة 7): لو أمهر ما لا یملکه أحد کالحرّ،أو ما لا یملکه المسلم کالخمر
کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. ۲)صفحه 320 والخنزیر،صحّ العقد وبطل المهر،واستحقّت علیه مهر المثل بالدخول.وکذلک الحال فیما إذا جعل المهر شیئاً باعتقاد کونه خلاًّ فبان خمراً،أو جعل مال الغیر باعتقاد کونه ماله فبان خلافه.
(مسألة 8): لو شرّک أباها فی المهر-بأن سمّی لها مهراً ولأبیها شیئاً معیّناً- تعیّن ما سمّی لها مهراً لها،وسقط ما سمّی لأبیها،فلا یستحقّ الأب شیئاً.
(مسألة 9): ما تعارف فی بعض البلاد من أنّه یأخذ بعض أقارب البنت کأبیها واُمّها من الزوج شیئاً-و هو المسمّی فی لسان بعض ب«شیربها»،وفی لسان بعض آخر بشیء آخر-لیس بعنوان المهر وجزء منه،بل هو شیء یؤخذ زائداً علی المهر.وحکمه:أنّه إن کان إعطاؤه وأخذه بعنوان الجعالة لعمل مباح، فلا إشکال فی جوازه وحلّیته،بل وفی استحقاق العامل له وعدم سلطنة الزوج علی استرجاعه بعد إعطائه.و إن لم یکن بعنوان الجعالة فإن کان إعطاء الزوج للقریب بطیب نفس منه؛و إن کان لأجل جلب خاطره وتحبیبه وإرضائه؛حیث إنّ رضاه فی نفسه مقصود أو من جهة أنّ رضا البنت منوط برضاه،فبملاحظة هذه الجهات یطیب خاطر الزوج ببذل المال،فالظاهر جواز أخذه،لکن یجوز للزوج استرجاعه ما دام موجوداً.و أمّا مع عدم الرضا من الزوج،و إنّما أعطاه من جهة استخلاص البنت؛حیث إنّ القریب مانع عن تمشیة الأمر،مع رضاها بالتزویج بما بذل لها من المهر،فیحرم أخذه وأکله،ویجوز للزوج الرجوع فیه و إن کان تالفاً.
(مسألة 10): لو وقع العقد بلا مهر جاز أن یتراضیا بعده علی شیء؛سواء کان بقدر مهر المثل أو أقلّ منه أو أکثر،ویتعیّن ذلک مهراً،وکان کالمذکور فی العقد.
کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. ۲)صفحه 321 (مسألة 11): یجوز أن یجعل المهر کلّه حالّاً-أیبلا أجل-ومؤجّلاً،وأن یجعل بعضه حالّاً وبعضه مؤجّلاً،وللزوجة مطالبة الحالّ فی کلّ حال بشرط مقدرة الزوج و الیسار،بل لها أن تمتنع من التمکین وتسلیم نفسها حتّی تقبض مهرها الحالّ؛سواء کان الزوج موسراً أو مُعسراً.نعم،لیس لها الامتناع فیما لو کان کلّه أو بعضه مؤجّلاً و قد أخذت بعضه الحالّ.
(مسألة 12): یجوز أن یذکر المهر فی العقد فی الجملة،ویفوّض تقدیره وتعیینه إلی أحد الزوجین؛بأن تقول الزوجة مثلاً:«زوّجتُک علی ما تحکم أو أحکم من المهر»فقال:«قبلت»،فإن کان الحاکم الزوج جاز أن یحکم بما شاء ولم یتقدّر فی الکثرة و القلّة ما دام متموّلاً،و إن کان الزوجة کان لها الحکم فی طرف القلّة بما شاءت ما دام متموّلاً،و أمّا فی طرف الکثرة فلا یمضی حکمها فیما زاد علی مهر السنّة،و هو خمسمائة درهم.
(مسألة 13): لو طلّق قبل الدخول سقط نصف المهر المسمّی وبقی نصفه،فإن کان دیناً علیه ولم یکن قد دفعه برئت ذمّته من النصف،و إن کان عیناً صارت مشترکة بینه وبینها.ولو کان دفعه إلیها استعاد نصفه إن کان باقیاً،و إن کان تالفاً استعاد نصف مثله إن کان مثلیاً،ونصف قیمته إن کان قیمیاً.وفی حکم التلف نقله إلی الغیر بناقل لازم.ومع النقل الجائز فالأحوط الرجوع ودفع نصف العین إن طالبها الزوج.
(مسألة 14): لو مات أحد الزوجین قبل الدخول فالأقوی تنصیف المهر کالطلاق،خصوصاً فی موت المرأة،والأحوط الأولی التصالح،خصوصاً فی موت الرجل.
کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. ۲)صفحه 322 (مسألة 15): تملک المرأة الصداق بنفس العقد وتستقرّ ملکیة تمامه بالدخول، فإن طلّقها قبله عاد إلیه النصف وبقی لها النصف،فلها التصرّف فیه بعد العقد بأنواعه،وبعد ما طلّقها قبل الدخول کان له نصف ما وقع علیه العقد،ولا یستحقّ من النماء السابق المنفصل شیئاً.
(مسألة 16): لو أبرأته من الصداق الذی کان علیه،ثمّ طلّقها قبل الدخول، رجع بنصفه علیها،وکذا لو کان الصداق عیناً فوهبته إیّاها،رجع بنصف مثلها إلیها أو قیمة نصفها.
(مسألة 17): الدخول الذی یستقرّ به تمام المهر هو مطلق الوطء ولو دبراً.
و إذا اختلف الزوجان بعد ما طلّقها،فادّعت وقوع المواقعة وأنکرها،فالقول قوله بیمینه،وله أن یدفع الیمین عن نفسه بإقامة البیّنة علی العدم إن أمکن،کما إذا ادّعت المواقعة قبلاً وکانت بکراً وعنده بیّنة علی بقاء بکارتها.
(مسألة 18): لو اختلفا فی أصل المهر فادّعت الزوجة وأنکر الزوج،فإن کان قبل الدخول فالقول قوله بیمینه،و إن کان بعده کلّفت بالتعیین.بل لا یبعد عدم سماع الدعوی منها ما لم تفسّر،ولا یسمع منها مجرّد قولها:لی علیه المهر،ما لم تبیّن المقدار،فإن فسّرت وعیّنت بما لا یزید علی مهر المثل حکم لها علیه بما تدّعیه،ولا یسمع منه إنکار أصل المهر.نعم،لو ادّعی سقوطه إمّا بالأداء أو الإبراء یسمع منه،فإن أقام البیّنة علیه ثبت مدّعاه،وإلّا فله علیها الیمین،فإن حلفت علی نفی الأداء أو الإبراء ثبتت دعواها،و إن ردّته علی الزوج فحلف سقط دعواها،و إن نکل تثبت،و إن نکلت ردّه الحاکم علی الزوج،فإن حلف تسقط دعواها،و إن نکل تثبت.هذا إذا کان ما تدّعیه بمقدار مهر المثل أو أقلّ،
کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. ۲)صفحه 323 و إن کان أکثر کان علیها الإثبات،وإلّا فلها علی الزوج الیمین.
(مسألة 19): لو توافقا علی أصل المهر واختلفا فی مقداره،کان القول قول الزوج بیمینه،إلّاإذا أثبتت الزوجة بالموازین الشرعیة،وکذا إذا ادّعت کون عین من الأعیان-کدار أو بستان-مهراً لها وأنکر الزوج،فإنّ القول قوله بیمینه، وعلیها البیّنة.
(مسألة 20): لو اختلفا فی التعجیل و التأجیل فقالت:إنّه معجّل،وقال:بل مؤجّل،ولم یکن بیّنة کان القول قولها بیمینها.وکذا لو اختلفا فی زیادة الأجل، کما إذا ادّعت أنّه سنة،وقال:إنّه سنتان.
(مسألة 21): لو توافقا علی المهر،وادّعی تسلیمه ولا بیّنة،فالقول قولها بیمینها.
(مسألة 22): لو دفع إلیها قدر مهرها ثمّ اختلفا بعد ذلک،فقالت:«دفعته هبة» وقال:«بل دفعته صداقاً»فلا یبعد التداعی،وتحتاج المسألة إلی زیادة تأمّل.
(مسألة 23): لو زوّج ولده الصغیر،فإن کان للولد مال فالمهر علی الولد،و إن لم یکن له مال فالمهر علی عهدة الوالد،فلو مات الوالد اخرج المهر من أصل ترکته؛سواء بلغ الولد وأیسر أم لا.نعم،لو تبرّأ من ضمان العهدة فی ضمن العقد برئ منه.
(مسألة 24): لو دفع الوالد المهر الذی کان علیه من جهة إعسار الولد، ثمّ بلغ الصبیّ فطلّق قبل الدخول استعاد الولد نصف المهر،وکان له دون الوالد.
کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. ۲)صفحه 324