وأمّا الإشکالات العامّـة
فمنها : أنّ مفهوم الآیـة لو دلّ علی حجّیـة خبر العادل لدلّ علی حجّیـة الإجماع الذی ادعاه السیّد وأتباعـه علی عدم حجّیـة خبر العادل أیضاً ؛ لأنّهم عدول أخبروا بحکم الإمام علیه السلام بعدم حجّیـة خبر الواحد ، فیلزم من حجّیـة الخبر عدم حجّیتـه ، وما یلزم من وجوده العدم فهو محال .
هذا ، ولکن هذا الإشکال یندفع بملاحظـة ما ذکرنا فی الإجماع المنقول من عدم حجّیـة الإخبار عن حدس ، ومن المعلوم أنّ ادعاء الإجماع مبنی علی الحدس ، کما عرفت .
واُجیب عنـه بوجوه اُخر :
أحدها : أنّ ذلک معارض بقول السیّد ، فإنّ حجّیتـه یستلزم عدم حجّیتـه ، وما یلزم من وجوده العدم فهو محال ، فلایکون قول السیّد بحجّـة . ولکن یمکن أن یقال : بأنّ المحال إنّما یلزم من شمول خبر السیّد لنفسـه ، وهو یوجب عدم الشمول ، ولکنّـه معارض بأنّ حجّیـة الخبر الواحد لایستلزم المحال ، بل المحال یلزم من شمول أدلّـة حجّیـة خبر الواحد لخبر السیّد ، وهو یوجب عدم شمولها لـه ، فیرتفع الإشکال .
ثانیها : أنّ الأمر یدور بین دخولـه وخروج ما عداه وبین العکس ، ولاریب أنّ الثانی متعیّن ، لا لمجرّد قبح انتهاء التخصیص إلی الواحد ، بل لأنّ المقصود من جعل الحجّیـة ینحصر فی بیان عدم الحجّیـة ، ولاریب أنّ التعبیر عن هذا المقصود
کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 473 بما یدلّ علی عموم حجّیـة خبر العادل قبیح فی الغایـة .
وأورد علی ذلک المحقّق الخراسانی فی «التعلیقـة» بمنع لزوم ما هو قبیح فی الغایـة ؛ لأنّـه من الممکن جدّاً أن یکون المراد من الآیـة واقعاً هو حجّیـة خبر العادل مطلقاً إلی زمان خبر السیّد بعدم حجّیتـه ، کما هو قضیـة ظهورها ، من دون أن یزاحمـه شیء قبلـه وعدم حجّیتـه بعده ، کما هو قضیّتـه ؛ لمزاحمـة عمومها لسائر الأفراد ، وبعد شمول العموم لـه أیضاً .
ومن الواضح : أنّ مثل هذا لیس بقبیح أصلاً ، فإنّـه لیس إلاّ من باب بیان إظهار انتهاء حکم العامّ فی زمان بتعمیمـه ؛ بحیث یعمّ فرداً ینافی ویناقض الحکم سائر الأفراد . ولایوجد إلاّ فی ذاک الزمان ؛ حیث إنّـه لیس إلاّ نحو تقیید . لکن الإجماع قائم علی عدم الفصل ، انتهی موضع الحاجـة .
ولکن لایخفی : أنّ دعوی السیّد الإجماع لو کانت حجّـة بمقتضی شمول أدلّـة حجّیـة خبر العدل لکان مقتضاها عدم حجّیـة خبر الواحد من زمن النبی صلی الله علیه و آله وسلم ، فیعود حینئذٍ محذور الاستهجان ، کما هو واضح .
ثالثها : ما ذکره المحقّق العراقی ـ علی ما فی تقریرات بحثـه ـ : من أنّ هذا الإشکال مدفوع أوّلاً : بأنّـه من المستحیل شمول دلیل الحجّیـة لمثل خبر السیّد الحاکی عن عدمها ؛ من جهـة استلزام شمول الإطلاق لمرتبـة الشکّ بمضمون نفسـه ، فإنّ التعبّد بإخبار السیّد بعدم حجّیـة خبر الواحد إنّما کان فی ظرف الشکّ فی الحجّیـة واللاحجّیـة ، ومن المعلوم استحالـة شمول إطلاق مفهوم الآیـة وغیره من الأدلّـة لمرتبـة الشکّ فی نفسـه . بل علی هذا یمکن أن یقال بعدم
کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 474 شمولـه لمثل خبر الشیخ ، الحاکی عن الحجّیـة ، فإنّ مناط الاستحالـة جارٍ فی کلیهما ، ولایختصّ بالخبر الحاکی عن عدم الحجّیـة .
وثانیاً : أنّـه بعد شمول أدلّـة الحجّیـة لما عدا خبر السیّد من سائر الأخبار لایبقی مجال لشمولها لـه ؛ لأنّ القطع بحجّیتها ملازم لانتفاء الشکّ فی مطابقـة مضمون خبر السیّد للواقع وعدمها ، فیخرج بذلک عن عموم أدلّـة حجّیـة الخبر ، فیصیر عدم شمول الأدلّـة لمثل خبر السیّد من باب التخصّص لانتفاء الشکّ فی مطابقـة مؤدّاه للواقع ، وهذا بخلاف ما لو شملت الأدلّـة لخبر السیّد ؛ إذ علیـه یلزم کون خروج ما عداه من سائر الأخبار من باب التخصیص ؛ لتحقّق الموضوع فیها ، وهو الشکّ فی المطابقـة وجداناً . ومن المعلوم أنّـه مع الدوران بین التخصّص والتخصیص یتعیّن الأوّل .
لایقال : کیف ، ولازم شمول الأدلّـة لمثل خبر السیّد أیضاً هو القطع بعدم حجّیـة ما عداه ، فیلزم أن یکون خروج ما عداه أیضاً من باب التخصّص لا التخصیص .
فإنّـه یقال : إنّ المدار فی التعبّد بکلّ أمارة إنّما هو الشکّ فی مطابقـة مضمونـه ومؤدّاه للواقع ، ومؤدّیات ما عدا خبر السیّد لایکون حجّیـة خبر الواحد ؛ کی یقطع بعدم الحجّیـة بسبب شمول أدلّـة الاعتبار لخبر السیّد الحاکی عن عدم الحجّیـة ، بل وإنّما مؤدّیات ما عداه عبارة عن وجوب الأمر الفلانی أو حرمـة کذا واقعاً ، ولاریب فی بقاء الشکّ فی المطابقـة ، ولو علی تقدیر القطع بحجّیـة خبر السیّد ، فیشملها أدلّـة الاعتبار ، فلایکون رفع الید عنها بمقتضی اعتبار خبر السیّد إلاّ من باب التخصیص ، انتهی ملخّصاً .
کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 475 أقول : أمّا ما أفاده أوّلاً فیرد علیـه : ما نبّهنا علیـه فی مبحث القطع من أنّ ما اشتهر بینهم من تأخّر الشکّ فی الشیء عن ذلک الشیء ، وتوقّفـه علی تحقّقـه ممّا لایتمّ أصلاً ، کیف ولازم ذلک انقلاب الشکّ إذا وجد علماً ؛ إذ علی الفرض لایتحقّق بدون ثبوت المشکوک ، فمع العلم بذلک ینقلب الشکّ علماً ، کما هو واضح . فما ذکره من استحالـة شمول إطلاق مفهوم الآیـة لمرتبـة الشکّ فی نفسـه ممّا لا نعرف لها وجهاً أصلاً .
وأمّا ما أفاده ثانیاً فیرد علیـه : أنّ شمول أدلّـة الحجّیـة لما عدا خبر السیّد إنّما هو فیما إذا کان حجّیتـه مشکوکـة ؛ إذ لا معنی لشمولها لـه مع القطع بعدم الحجّیـة ، وحینئذٍ نقول : کما أنّ شمولها لـه مستلزم لخروج خبر السیّد من باب التخصّص ؛ إذ لایبقی حینئذٍ شکّ فی حجّیتـه ولا حجّیتـه حتّی تشملـه أدلّـة الحجّیـة ، کذلک شمول الأدلّـة لخبر السیّد موجب لخروج ما عداه من الأخبار عن تحتها من باب التخصّص ؛ إذ لایبقی مع شمولها لخبر السیّد شکّ فی حجّیـة ما عداه وعدم حجّیتـه ، والملاک فی الشمول هو الشکّ فی الحجّیـة ، لا مطابقـة مضمونـه للواقع وعدمها ، فما ذکره من دوران الأمر بین التخصیص والتخصّص ممّا لا وجـه لـه أصلاً ، کما هو أظهر من أن یخفی .
ومن الإشکالات العامّـة : إشکال شمول أدلّـة الحجّیـة للأخبار الحاکیـة لقول الإمام علیه السلام بواسطـة أو وسائط ، کإخبار الشیخ عن المفید عن الصدوق عن الصفّار عن العسکری علیه السلام .
ویمکن تقریب هذا الإشکال من وجوه :
کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 476 الأوّل : دعوی انصراف الأدلّـة عن الإخبار بالواسطـة .
الثانی : أنّـه لابدّ أن یکون للمخبر بـه أثر شرعی ، حتّی یصحّ بلحاظـه التعبّد بـه ، ولیس للمخبر بـه فی المقام هذا الأثر ، فإنّ المخبر بـه بخبر الشیخ هو قول المفید ، ولا أثر شرعی لقولـه أصلاً .
الثالث : دعوی أنّ الحکم بتصدیق العادل مثبت لأصل إخبار الوسائط ، مع أنّ خبرهم یکون موضوعاً لهذا الحکم ، فلابدّ وأن یکون الخبر فی المرتبـة السابقـة محرزاً بالوجدان أو بالتعبّد ؛ لیحکم علیـه بوجوب تصدیقـه ؛ لأنّ نسبـة الموضوع إلی الحکم نسبـة المعروض إلی العرض ، فلایعقل أن یکون الحکم موجداً لموضوعـه ؛ لاستلزامـه الدور المحال .
الرابع : أنّـه یلزم أن یکون الأثر الذی بلحاظـه وجب تصدیق العادل نفس تصدیقـه ، من دون أن یکون فی البین أثر آخر کان وجوب التصدیق بلحاظـه ، ولایعقل أن یکون الحکم بوجوب التصدیق بلحاظ نفسـه .
هذا ، والجواب عن الأوّل : منع الانصراف ، ولو قیل بأنّ العمدة فی هذا الباب هو بناء العقلاء علی العمل بخبر الواحد ، ولابدّ من إحرازه فی الإخبار مع الوسائط ، ومن المعلوم عدم إحرازه ، لو لم نقل بثبوت عدمـه من جهـة أنّا نری بالوجدان عدم اعتنائهم بالإخبار مع الوسائط الکثیرة التی بلغت إلی عشرة أو أزید مثلاً . فیشکل الأمر فی الأخبار المأثورة عن الأئمّـة علیهم السلام ؛ لاشتمالها علی الوسائط الکثیرة بالنسبـة إلینا .
فنقول : إنّ الواسطـة فی تلک الأخبار قلیلـة ؛ لأنّ الواسطـة إنّما هو بین الشیخ والکلینی والصدوق وبین الإمام علیه السلام ، ومن الواضح قلّتها ؛ بحیث لایتجاوز عن خمس أو ستّ ، وأمّا الواسطـة بیننا وبینهم فلایحتاج إلیها بعد تواتر کتبهم ، ووضوح صحّـة انتسابها إلیهم ، کما لایخفی .
کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 477 واُجیب عن الوجـه الثالث : بأنّ المستحیل إنّما هو إثبات الحکم موضوع شخصـه ، لا إثبات موضوع لحکم آخر ، فإنّ هذا بمکان من الإمکان ، والمقام یکون من هذا القبیل ، فإنّ الذی یثبت بوجوب تصدیق الشیخ إنّما هو خبر المفید ، وإذا ثبت خبر المفید بوجوب تصدیق الشیخ یعرض علیـه وجوب التصدیق أیضاً ، وهکذا .
وعن الوجـه الرابع تارة : بما فی تقریرات المحقّق النائینی من أنّ هذا الإشکال إنّما یتوجّـه بناءً علی أن یکون المجعول فی باب الأمارات منشأ انتزاع الحجّیـة ، أمّا بناءً علی ما هو المختار من أنّ المجعول فی باب الطرق والأمارات نفس الکاشفیـة والوسطیـة فی الإثبات فلا إشکال حتّی نحتاج إلی التفصّی عنـه ، فإنّـه لایلزم شیء ممّا ذکر ؛ لأنّ المجعول فی جمیع السلسلـة هو الطریقیـة إلی ما تؤدّی إلیـه أیّ شیء کان المؤدّی ، فقول الشیخ طریق إلی قول المفید ، وقول المفید طریق إلی قول الصدوق ، وهکذا إلی أن ینتهی إلی قول زرارة الحاکی لقول الإمام علیه السلام .
واُخری : بما فی تقریرات المحقّق العراقی ممّا حاصلـه : أنّ دلیل الاعتبار ـ وهو قولـه «صدّق العادل» مثلاً ـ وإن کان بحسب الصورة قضیـة واحدة ، ولکنّها تنحلّ إلی قضایا متعدّدة حسب تعدّد حصص الطبیعی بتعدّد الأفراد ، وبعد فرض انتهاء سلسلـة سند الروایـة إلی الحاکی لقول الإمام علیه السلام ، وشمول دلیل وجوب التصدیق لـه ؛ لکون المخبر بـه فی خبره حکماً شرعیاً تصیر بقیـة الوسائط ذات أثر شرعی ، فیشملها دلیل وجوب التصدیق ؛ إذ حینئذٍ یصیر وجوب التصدیق
کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 478 المترتّب علی مثل قول الصفّار الحاکی لقول الإمام علیه السلام أثراً شرعیاً لـه ، وهکذا إلی منتهی الوسائط . فکان کلّ لاحق مخبراً عن موضوع ذی أثر شرعی .
وثالثـة : بما أفاده المحقّق المعاصر فی کتاب «الدرر» ممّا حاصلـه : أنّ وجوب تصدیق العادل فیما أخبره لیس من قبیل الحکم المجعول للشکّ تعبّداً ، بل مفاده جعل الخبر ؛ من حیث إنّـه مفید للظنّ النوعی طریقاً إلی الواقع ، وعلیـه لو أخبر العادل بشیء یکون ملازماً لشیء لـه أثر شرعاً ؛ إمّا عادة أو عقلاً أو بحسب العلم نأخذ بـه ، ونرتّب علی لازم المخبر بـه الأثر الشرعی المرتّب علیـه .
والسرّ فی ذلک : أنّ الطریق إلی أحد المتلازمین طریق إلی الآخر ، وحینئذٍ نقول یکفی فی حجّیـة خبر العادل انتهاؤه إلی أثر شرعی ، ولایلزم أن تکون الملازمـة عادیـة أو عقلیـة ، ویکفی ثبوت الملازمـة الجعلیـة ، بمعنی أنّ الشارع جعل الملازمـة النوعیـة الواقعیـة بین إخبار العادل ، وتحقّق المخبر بـه بمنزلـة الملازمـة القطعیـة ، ولا تکون قضیـة «صدّق العادل» ناظرة إلی هذه الملازمـة ، کما لاتکون ناظرة إلی الملازمـة العقلیـة والعادیـة ، بل یکفی فی ثبوت هذا الحکم ثبوت الملازمـة فی نفس الأمر ، حتّی تکون منتجـة للحکم الشرعی العملی ، انتهی .
هذا ، ویرد علی الجواب الأوّل : أنّ جعل الطریقیـة لابدّ وأن یکون بلحاظ الأثر الشرعی المترتّب علی ما أدّی إلیـه الطریق ، وإلاّ فلایجوز جعل الطریقیـة مع عدم ترتّب الأثر الشرعی علی المؤدّی ، والمفروض فی المقام أنّ ما أدّی إلیـه الطریق هو قول المفید ، وهو لایکون موضوعاً لشیء من الآثار الشرعیـة ، بناءً
کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 479 علی جعل الوسطیـة والکاشفیـة ، کما هو واضح .
وعلی الجواب الثانی : أنّ ما ذکره من شمول دلیل وجوب التصدیق لقول الراوی الذی یحکی لقول الإمام علیه السلام لکون المخبر بـه فی خبره حکماً شرعیاً إنّما یتمّ لو ثبت خبره ، والکلام إنّما هو فیـه ؛ إذ المفروض أنّ خبره لم یثبت وجداناً ، فمن أین یشمل لـه دلیل وجوب التصدیق ؟ !
وبالجملـة : ففرض الکلام من صدر السلسلـة إنّما یصحّ لو ثبت أنّ الراوی الذی وقع فی صدرها أخبر من بعده بتحدیث الإمام علیه السلام لـه ، والکلام إنّما هو فی ثبوتـه ، کما لایخفی .
وعلی الجواب الثالث ـ مضافاً إلی أنّـه لم یدلّ دلیل علی الملازمـة التی ادعاها ـ : أنّ المخبر بـه ، وهو قول المفید فی المثال لایکون مترتّباً علیـه الأثر الشرعی ، حتّی یجب تصدیق الشیخ فیما أخبره بلحاظ ذلک الأثر . وتوهّم أنّ قول المفید یترتّب علیـه بعض الآثار ، وهو صحّـة النسبـة إلیـه ، وعدم کون إسناده إلیـه من القول بغیر العلم ، فلا مانع من أن یکون وجوب التصدیق بلحاظ ذلک الأثر ، مدفوع بأنّ قول المفید بلحاظ هذا الأثر إنّما یکون من الموضوعات الخارجیـة التی لاتثبت إلاّ بالبیّنـة ، ولایکفی فیـه قول العادل الواحد ، کما هو واضح .
والتحقیق فی هذا المقام ـ بعد عدم رفع الإشکال بما ذکره الأعلام ، کما عرفت ـ أن یقال : إنّ أصل الإشکال ، وکذا الجوابات کلّها من الاُمور العقلیـة الخارجـة عن فهم العرف ، الذی هو الملاک والمرجع فی معنی الآیـة ونظائرها من الأدلّـة ، فإنّـه لاشکّ فی أنّـه لو ألقی علیهم هذا الکلام ، وهو حجّیـة قول العادل ، ووجوب تصدیقـه فیما أخبره لایفهمون من ذلک الفرق بین الإخبار بلا واسطـة أو معها ، ولاینظرون فی الإخبار مع الواسطـة إلی الوسائط أصلاً ، بل
کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 480 یقولون فی المثال بأنّ العادل أخبر بأنّ الإمام علیه السلام قال کذا أو فعل کذا ، وإن کان العادل الذی وقع فی منتهی السلسلـة لم یخبر بقول الإمام علیه السلام ، بل المخبر بـه بخبره هو إخبار العادل الذی حدّثـه .
ومن هنا یعلم : أنّ المخبر بـه بخبر هذا العادل وإن کان من الموضوعات ، ولایکفی فی ثبوتها إلاّ البیّنـة إلاّ أنّـه حیث لایکون فی نظر العرف منظوراً مستقلاًّ ، بل منظوراً آلیّاً فیکفی فی ثبوتـه إخبار عادل واحد .
کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 481