المقام الثانی : فی تخصیص العامّ بالمفهوم المخالف
وأمّا المفهوم المخالف فقد اختلف فی جواز تخصیص العامّ بـه .
وینبغی أن یعلم أنّ محلّ النزاع إنّما هو فیما إذا کان هنا عامّ وکان المفهوم معارضاً لـه بالعموم والخصوص .
وأمّا فرضـه فیما إذا کان هنا مطلق ومقیّد ثمّ إجراء أحکام تلک المسألـة علیـه ، مثل قولـه صلی الله علیه و آله وسلم : «خلق اللّٰـه الماء طهوراً لاینجّسـه شیء» الحدیث ، وقولـه علیه السلام : «إذا کان الماء قدر کرّ لم ینجّسـه شیء» حیث إنّ ظاهر الدلیل الأوّل کون تمام الموضوع للطهوریّـة والاعتصام هو نفس الماء ، وظاهر الدلیل الثانی مدخلیّـة الکرّیـة أیضاً ، فیجب حمل المطلق علی المقیّد ، ففیـه : أ نّـه خارج
کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 327 عن محلّ البحث ؛ فإنّ مورده هو ما إذا کان المفهوم معارضاً للعامّ بالعموم والخصوص .
مثالـه : ما إذا قال : أکرم العلماء ، ثمّ قال : إذا جاءک زید العالم فأکرمـه ، فإنّ مفهومـه أ نّـه إذا لم یجئک فلایجب إکرامـه ، وهو یخالف العموم .
إذا عرفت ذلک ، فاعلم أ نّـه إذا ورد العامّ وما لـه المفهوم فی کلام واحد ودار الأمر بین تخصیص العموم أو إلغاء المفهوم ، فإن کان کلّ واحد منهما مستفاداً من الإطلاق بقرینـة مقدّمات الحکمـة ، أو کان کلٌّ منهما بالوضع ، فالظاهر إجمال الدلیل ، ووجوب الرجوع إلی الاُصول العملیّـة ، وإلاّ فلو کان واحد منهما مستفاداً من الإطلاق ، والآخر بالوضع ، فلاشبهـة فی کون الترجیح مع الظهور الوضعی ؛ لعدم تمامیـة مقدّمات الحکمـة معـه .
وأمّا لو کانا فی کلامین لایصلح أن یکون واحد منهما قرینةً متّصلة للآخر ، فإن کان أحدهما مستفاداً من الإطلاق والآخر مدلولاً علیـه بالوضع ، فلاشبهـة فی تقدیمـه علی الأوّل لو کان عدم البیان المأخوذ فی مقدّمات الحکمـة أعمّ من البیان المتّصل ، وعلیٰ تقدیر الاختصاص بـه یتمّ الإطلاق ، ویعارض الآخر ، مثل ما إذا کان کلّ واحد منهما مستفاداً من الإطلاق أو مدلولاً علیـه بالوضع ، والترجیح فیـه یدور مدار الأظهریـة ، کما لایخفیٰ .
کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 328