الفصل العاشر فی الواجب العینی والکفائی
ربّما یقسّم الواجب إلیٰ عینی وکفائی ، والمراد بالأوّل هو ما یعتبر فی سقوط الوجوب وحصول الامتثال بالإتیان بـه مباشرةً ، ولایسقط بفعل الغیر ، والمراد بالثانی هو ما لایعتبر فیـه ذلک ، بل یسقط التکلیف عن الجمیع بفعل بعض المکلّفین ، ویعاقب الجمیع لو لم یمتثل ، وهذا کوقوعـه فی الشرع ممّا لا إشکال فیـه ولا کلام ، وإنّما الکلام فی الواجب الکفائی فی کیفیّـة تعلّق الوجوب بالمکلّفین .
فنقول : هل الوجوب متعلّق بمجموع المکلّفین من حیث المجموع أو بالواحد لابعینـه أو بالواحد المردّد أو بکلّ واحد من المکلّفین ؟ وجوه واحتمالات .
وتفصیل الکلام : أنّـه لایعقل کون الوجوب متعلّقاً بالمجموع من حیث المجموع ؛ لأنّـه لا وجود للمجموع من حیث هو سوی الوجودات والأفراد ، کما أنّـه لایعقل تعلّقـه بالواحد لابعینـه ؛ لأنّـه لا وجود لـه ؛ لأنّ الوجود مساوق للعینیـة ، کما برهن فی محلّـه .
کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 158 وأمّا الواحد المردّد : فقد عرفت فی مبحث الوجوب التخییری أنّـه لایعقل تعلّق البعث بالشیء المردّد ، ومن المعلوم أنّـه لا فرق بین المبعوث والمبعوث إلیـه من هذه الجهـة ؛ إذ کما أنّ البعث لـه إضافـة إلی المبعوث إلیـه کذلک لـه إضافـة إلی المبعوث الذی هو المکلّف .
وما عن بعض الأعاظم من ثبوت الفرق بینهما لا نعرف لـه وجهاً أصلاً ، کما لایخفیٰ .
وأمّا تعلّقـه بکلّ واحد من المکلّفین : فقد یقال ـ کما عن بعض أعاظم المعاصرین ـ بأنّـه هی کیفیّـة تعلّق الوجوب فی الواجب الکفائی ، والفرق بینـه وبین الواجب العینی حینئذٍ مع اشتراکـه معـه فی ذلک إنّما هو فی الإطلاق والتقیید ، بمعنی أنّ متعلّق الطلب فی العینی إنّما هی الطبیعـة المتقیّدة بقید المباشرة ، بخلاف متعلّقـه فی الواجب الکفائی فإنّـه هی الطبیعـة المطلقـة المعرّاة عن قید المباشرة .
قال : والدلیل علی ذلک أنّـه لو شک فی الواجب أنّـه عینی أو کفائی ، یبنی علی الثانی ، ولیس ذلک إلاّ لکون المطلوب فیـه مطلقاً بخلاف الأوّل .
وفی تقریرات المحقّق النائینی أنّ التحقیق فی تصویر الواجب الکفائی أنّـه عبارة عمّا کان الغرض منـه مترتّباً علیٰ صدور الفعل من صرف وجود المکلّف ، بخلاف العینی الذی لایحصل الغرض إلاّ بصدوره من مطلق وجود المکلّف الساری فی الجمیع . انتهیٰ .
کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 159