حول الأصل عند الشکّ فی الأصلیّـة والتبعیّـة
ثمّ إنّـه ذکر فی الکفایـة أنّـه إذا کان الواجب التبعی ما لم تتعلّق بـه إرادة مستقلّـة ، فإذا شکّ فی واجب أنّـه أصلی أو تبعیّ ، فبأصالـة عدم تعلّق إرادة مستقلّـة بـه یثبت أنّـه تبعیّ ، ویترتّب علیـه آثاره إذا فرض لـه أثر شرعی ، کسائر الموضوعات المتقوّمـة باُمور عدمیـة .
نعم لو کان التبعی أمراً وجودیّاً خاصّاً غیر متقوّم بعدمی وإن کان یلزمـه ، لما کان یثبت بها إلاّ علی القول بالأصل المثبت ، کما هو واضح ، فافهم .
وذکر المحقّق المحشّی : أنّـه إن کان مناط التبعیّـة عدم تفصیلیـة القصد والإرادة ، فالتبعیـة موافقـة للأصل ؛ للشک فی أنّ الإرادة ملتفت إلیها أم لا ، والأصل عدمـه ، وإن کان مناطها نشو الإرادة عن إرادة اُخریٰ وترشّحها منها ، فالأصلیـة موافقـة للأصل ؛ إذ المترشّح من إرادة اُخریٰ ، ونشوها منها أمر وجودی مسبوق بالعدم ، ولیس الاستقلال فی الإرادة علیٰ هذا أمراً وجودیّاً ، بل هو عدم نشوها عن إرادة اُخریٰ ، بخلاف الاستقلال من حیث توجّـه الالتفات إلیها ، فإنّـه
کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 99 أمر وجودی ، کما عرفت . انتهیٰ .
ولکن لایخفیٰ : أنّـه لو قلنا بأنّ مناط التبعیّـة عدم تعلّق إرادة مستقلّـة بـه ، کما ذهب إلیـه صاحب الکفایـة ، فلا تکون التبعیّـة موافقةً للأصل ؛ إذ لیست هی عبارة عن نفس عدم تعلّق إرادة مستقلّـة بـه علیٰ نحو السلب التحصیلی حتّیٰ تکون مسبوقةً بالعدم ، فإنّ السلب التحصیلی یصدق مع انتفاء الموضوع أیضاً ، وهو لاینطبق علی المقام أصلاً ؛ لأنّ الواجب التبعی هو ما کان متعلّقاً للإرادة ، غایـة الأمر أنّـه لا تکون إرادتـه تفصیلیّةً ؛ فهو ـ أی السلب ـ إمّا مأخوذ فیـه علیٰ نحو السلب العدولی ، أو الموجبـة سالبـة المحمول ، وعلی التقدیرین لا تکون موافقـة للأصل ، واستصحاب بقاء العدم المأخوذ صفـة لاینتج فی إثبات ثبوتها لهذه الإرادة المتعلّقـة بالواجب ، کما فی استصحاب عدم القرشیـة الغیر الجاری علی التحقیق ، کما أنّـه لو قلنا بأنّ مناط التبعیـة هو نشو الإرادة من إرادة اُخریٰ وترشّحها منها ، کما اختاره المحقّق المحشّی فی عبارتـه المتقدّمـة ، لا تکون الأصلیـة موافقةً للأصل ؛ لأنّ عدم ترشّح الإرادة من إرادة اُخریٰ لایکون مأخوذاً فیها علیٰ نحو السلب التحصیلی الصادق مع انتفاء الموضوع بل العدولی ، ولا تکون مع هذا موافقةً للأصل ، بعین التقریب المتقدّم .
فالتحقیق : أنّـه بناء علیهما لا تکون شیء من التبعیّـة والأصلیـة موافقةً للأصل ، فالواجب الرجوع إلی الاُصول العملیّـة ، کما لایخفیٰ .
کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 100