توجیه مقال المحقّق الأصفهانی
ولعلّه بما ذکرنا یمکن الاعتذار عمّا وقع فی کلام المحقّق الأصفهانی قدس سره فی المقام ؛ من أنّ عدم الضدّ وخلوّ الموضوع عن الضدّ ـ کالسواد مثلاً ـ متمّم لقابلیة الموضوع لعروض الضدّ ـ کالبیاض ـ ولا ضیر فی کون العدم الذی لا ذات له شروطاً لثبوت شیء لشیء ؛ لأنّ القابلیات والاستعدادات والإضافات وأعدام الملکات کلّها لا مطابق لها فی الخارج ، بل شؤون وحیثیات انتزاعیة لاُمور موجودة ، وثبوت شیء لشیء لا یقتضی أزید من ثبوت المثبت له بنحو یناسب ثبوت الثابت ، انتهی .
فإنّ الظاهر : أنّ هذا المحقّق ـ مع نبوغه وکونه من مهرة الفنّ ـ غیر ملتزم بما ذکره ، ولعلّه وقع منه مماشاة للقوم ، أو من غیر التفات وتوجّه لما هو المحقّق فی محلّه من عدم التأثیر والتأثّر فی العدمیات .
وکیف یرضی قدس سره مع حذاقته فی المعقول بأنّ عدم الضدّ وعدم البیاض مثلاً من مصحّحات قابلیة المحلّ والموضوع لقبول الضدّ ؛ وهو السواد ؟ !
کتابجواهر الاصول (ج. ۳): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 275 وکیف یرضی ویسوّی بین أعدام الملکات والقابلیات والاستعدادات والإضافات ؟ ! مع أنّ لها نحواً من الوجود وهی من مراتب الوجود ، وإن لم تکن بحیث تمکن الإشارة إلیها ، والأعـدام مطلقاً ـ حتّی الأعـدام المضافـة وأعدام الملکات ـ لا حظّ لها من الوجود أصلاً ، وإنّما الحظّ والتحقّق للمضاف إلیها وملکاتها ، کما أشرنا آنفاً .
وکیف یرضی ؟ ! ویفرّق ویقول بعدم توقّف العدم علی الوجود ؛ مدّعیاً استحالة تأثیر الموجود فی المعدوم ، معترفاً بأنّه لیس بشیء ، ولکن یقول بإمکان توقّف الموجود علیه . . . إلی آخر ما ذکره ، مع أنّهما یرتضعان من ثدی واحد ؟ ! بداهة أنّه إذا کان العدم ـ ولو المضاف ـ لیس بشیء ـ کما هو کذلک ـ فکما لا یکاد یتوقّف علی الوجود فکذلک لا یتوقّف علیه الوجود ، فتدبّر .
فتحصّل ممّا ذکرنا بطوله : أنّ مقدّمیة ترک أحد الضدّین لوجود الضدّ الآخر غیر مستقیمة .
فظهر : أنّ الأمر الأوّل من الاُمور التی لابدّ منها فی إثبات حرمة الضدّ من ناحیة المقدّمیة غیر تمام . هذا کلّه فی الأمر الأوّل من الاُمور التی یتوقّف علیها اقتضاء الأمر بالشیء النهی عن ضـدّه . وقد عرفت ـ لعلّـه بما لا مزید علیـه ـ أنّ ترک الضدّ لم یکن مقدّمة لفعل ضدّه .
کتابجواهر الاصول (ج. ۳): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 276