ومنها : تقسیمها إلی المقدّمة المقارنة والمتأخّرة والمتقدّمة
قد قسّموا المقدّمة إلی المقدّمة المقارنة مع وجود ذیها فی الوجود ، والمقدّمة المتقدّمة علیه ، والمقدّمة المتأخّرة عنه کذلک .
وقد وقع الاستشکال فی تصویر المقدّمة المتأخّرة وإمکانها ، بلحاظ أنّ المقدّمة من أجزاء العلّة ، فلا معنی لتأخّرها عنه بحسب الوجود . بل وقع الاستشکال فی المقدّمة المتقدّمة بلحاظ امتناع انفکاک المعلول عن علّته .
وبالجملة : قد استشکل فی مقدّمیة المقدّمة السابقة علی ذیها والمتأخّرة عنه ، بلحاظ امتناع انفکاک المعلول عن علّته ، وامتناع تقدّم المعلول علی علّته ، وانحصروا المقدّمیة فی المقدّمة المقارنة .
ولعلّ منشأ عنوان هـذا البحث بلحاظ وقـوع مسائل فی الفقه أوهم تأخّر الشـرط عـن مشروطـه ، فعنونوا البحث للدفاع عـن حریم المسائـل المطروحـة فـی الفقـه .
وما توهم تأخّر الشرط عن مشروطه ، فتارة یکون فی شرائط المکلّف به ،
کتابجواهر الاصول (ج. ۳): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 39 کأغسال اللیلة المستقبلة بالنسبة إلی صوم المستحاضة ، حیث قال بعضهم بأنّه یشترط فی صحّة صوم المستحاضة غسل اللیلة الآتیة ؛ فإنّ ظاهره یعطی بأنّ صحّة الصوم الماضی مشروط بغسل اللیلة الآتیة ، مع أنّه متأخّر عنه .
واُخری فی شرائط الحکم الوضعی کالإجارة فی بیع الفضولی ، علی القول بکون الإجازة کاشفاً حقیقیاً بالنسبة إلی الأحکام الوضعیة المترتّبة علی العقد الفضولی من حین وجوده ، فصحّة العقد وترتّب الآثار مشروطة بالإجازة المتأخّرة .
وثالثة فی شرائط نفس التکلیف ، کالقدرة المتأخّرة عن المکلّف بالنسبة إلی التکلیف المتقدّم الصادر من المولی ؛ فإنّهم یرون أنّ القدرة شرط لصحّة التکلیف ، فإذا کلّف المولی عبده بشیء یصحّ منه ذلک وإن لم یکن العبد قادراً عند ذلک ، ولکن یقدر علیه فی المستقبل ؛ فیصحّ للمولی أن یکلّف عبده بشرط یکون متأخّراً .
فهذه المسائل أوقعهم فی حیص وبیص ؛ لأنّ ظاهرها مخالفة للقاعدة العقلیة ، من غیر فرق بین کون الشرط شرطاً للمکلّف به ، أو للوضع ، أو للتکلیف ؛ فقد تصدّوا لتوجیهها بوجه :
فمنهم : من وجّه إمکان الشرط المتقدّم أو المتأخّر مطلقاً ؛ فی التکوینیات أو التشریعیات .
ومنهم : من أنکر ذلک مطلقاً ، ولکن تصدّی لتصحیح ما یترائی خلاف ذلک فی الشریعة بوجه .
ومنهم : من فصّل بین التکوینیات وبین التشریعیّات ؛ لعدم الإمکان فی الأوّل ، وجوازه فی الثانی .
کتابجواهر الاصول (ج. ۳): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 40