الوجه الثانی إثبات اقتضاء الأمر بالشیء النهی عن ضدّه الخاصّ من ناحیة الاستلزام وتزییفه
ربّما یستدلّ لحرمة الضدّ الخاصّ من جهة الاستلزام ، وحاصله : أنّه لو لم نقل بأنّ ترک الضدّ مقدّمة لفعل الضدّ فلا أقلّ من کونه ملازماً له ، والمتلازمان یمتنع أن یختلفا من حیث الحکم .
وبالجملة : إذا لم یکن عدم الضدّ مقدّمة لفعل ضدّه فلا أقلّ من کونه ملازماً له ، فإذا وجب الضدّ الأهمّ یمتنع أن یکون عدم ضدّه مباحاً ، بل یکون واجباً .
وقد ذکر هذا الوجه بنحو الإشارة فی کلماتهم .
وتقریب هذا الوجه ـ کالوجه الأوّل ـ یبتنی علی تمامیة اُمور ثلاثة :
الأوّل : أنّ وجود کلّ من الضدّین مع عدم ضدّه متلازمان .
الثانی : أنّ المتلازمین محکومان بحکم واحد لا محالة .
الثالث : أنّ الأمر بالشیء یقتضی النهی عن ضدّه العامّ .
یوجّه للأمر الأوّل : أنّ عدم الضدّ لازم وجود الضدّ الآخر أو ملزومه ؛ لأنّه بعد ما امتنع اجتماع الضدّ مع ضدّه الآخر فی موضوع واحد ـ لمکان المضادّة ـ فلابدّ وأن یصدق علیه نقیض الضدّ الآخر لئلاّ یلزم ارتفاع النقیضین .
نعم ، حیث إنّ صدق العدم علی الوجود لا یکاد یکون ذاتیاً فلابدّ وأن یکون عرضیاً بنحو التلازم فی الصدق وهو المطلوب . مثلاً : السواد إذا تحقّق فی موضوع
کتابجواهر الاصول (ج. ۳): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 280 یمتنع صدق البیاض علیه ـ لمکان الضدّیة ـ فإذن لابدّ وأن یصدق علیه نقیضه ـ وهو اللابیاض ـ وإلاّ یلزم ارتفاع النقیضین . وحیث إنّه عدمی لا یصدق علی السواد ـ الذی هو أمر وجودی ـ إلاّ عرضاً .
فتحصّل ممّا ذکر : أنّ بین وجود أحد الضدّین وعدم الضدّ الآخر ملازمة وجوداً .
ویوجّه للأمر الثانی : أنّه لو تمّ أنّ وجود کلّ من الضدّین مع عدم الآخر متلازمـان وجـوداً ، فلابـدّ وأن یکونا محکومین بحکم واحـد ـ بعد عـدم خلوّ واقعة عـن الحکم .
وذلک لأنّه إن وجب أحد المتلازمین ، فالمتلازم الآخر لو لم یکن واجباً لکان جائز الترک ، الجامع بین غیر الحرمة من الأحکام الباقیة . فإذا ترک : فإمّا أن یکون الآخر باقیاً علی وجوبه المطلق أو لا ، فعلی الأوّل یلزم التکلیف بالمحال ؛ لأنّه عند ترک الملازم لا یمکن أن یأتی بالآخر ، والتکلیف به محال . وعلی الثانی یلزم خروج الواجب المطلق عن وجوبه بلا وجه وسبب .
ویوجّه للأمر الثالث : أنّ الأمر بالشیء یستلزم النهی عن ضدّه العامّ ، وقد عرفت : أنّ المراد بالضدّ العامّ مطلق نقیض المأمور به ، وهو هنا فعل الصلاة .
فمع التلازم بین ترک الصلاة والإزالة مثلاً ـ کما هو مقتضی الأمر الأوّل ـ وأنّ ترک الصلاة واجب عند الأمر بالإزالة ـ کما هو مقتضی الأمـر الثانی ـ وأنّ فعل الصلاة محرّم ـ بمقتضی الأمر الثالث ـ یتمّ المطلوب ؛ وهـو استلزام الأمـر بالشیء النهی عن ضدّه الخاصّ .
هذا غایة ما یوجّه به لاستلزام أنّ الأمر بالشیء یقتضی النهی عن ضدّه .
کتابجواهر الاصول (ج. ۳): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 281