حول کلام البصری
فقد حکی عن البصری أنّه قال : لو لم تجب المقدّمة لجاز ترکها ، وحینئذٍ : فإن بقی الواجب علی وجوبه یلزم التکلیف بما لا یطاق ، وإلاّ خرج الواجب المطلق عن کونه واجباً .
فیورد علیه أوّلاً بالنقض بالمتلازمین فی الوجود اللّذین فی أحدهما ملاک الوجوب دون الآخر ؛ فبعد وجوب الأوّل إمّا یجب الآخر أیضاً أو لا ، فعلی الأوّل یلزم أن یجب الشیء بلا ملاک ، وإلاّ لزم خروج الواجب عن کونه واجباً ؛ لأنّ المفروض کونهما متلازمین فی الوجود لا یمکن انفکاکهما ؛ فما هو الجواب عن هذا هو الجواب عمّا ذکره .
وثانیاً بالحلّ ، کما أفاده المحقّق الخراسانی ؛ فإنّه قدس سره بعد إصلاح ظاهر الاستدلال بإرادة عدم المنع الشرعی من جواز الترک ، وإلاّ فالشرطیة الاُولی واضحة الفساد ، وبإرادة الترک ممّا اُضیف إلیه الظرف ـ وهو «حینئذٍ» ـ وإلاّ فالشرطیة الثانیة
کتابجواهر الاصول (ج. ۳): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 243 واضحة الفساد ، قال بما حاصله : إنّ الترک بمجرّد عدم المنع شرعاً لا یوجب صدق إحدی الشرطیتین ، ولا یلزم منه أحد المحذورین ؛ فإنّه وإن لم یبق له وجوب معه ، إلاّ أنّه کان ذلک بالعصیان المستتبع للعقاب ؛ لتمکّنه من الإطاعة بالإتیان به مع مقدّماته ، وقد اختار ترکه بترک مقدّماته بسوء اختیاره ، مع حکم العقل بلزوم الإتیان بالمقدّمات لیتمکّن من ذی المقدّمة إرشاداً إلی ما فی ترکها الموجب لترک ذی المقدّمة من العصیان المستتبع للعقاب .
وقد یفصّل بین المقدّمة السببی وغیره ، بالوجوب فی المقدّمة السببی .
ولکنّه ـ کما تری ـ لیس دلیلاً علی التفصیل ، بل غایته : أنّ الأمر النفسی إنّما یکون متعلِّقاً بالسبب ؛ لکونه مقدوراً دون المسبّب .
وقد یفصّل بین الشرط الشرعی وغیره بالوجوب فی الشرط الشرعی واستدلّ علی الوجوب فیه بأنّه لولا وجوبه شرعاً لما کان شرطاً ، حیث إنّه لیس ممّا لابدّ منه عقلاً أو عادة .
کتابجواهر الاصول (ج. ۳): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 244 وفیه أنّه إن اُرید : أنّ شرطیته فی مقام الثبوت ونفس الأمر یتوقّف علی الأمر الغیری . ففیه : أنّ الأحکام الشرعیة تابعة للمصالح والمفاسد الواقعیتین ، ولا دخل للأمر فیها ، بل تعلّق الأمر بالشرط یتوقّف علی شرطیته واقعاً ؛ فلو توقّفت شرطیته واقعاً علی تعلّق الأمر به لزم الدور .
وإن اُرید : أنّ شرطیتـه فی مقام الإثبات یتوقّف علی الأمـر لأجل کشفـه عـن کونه شرطاً واقعاً . فإن اُرید : أنّ الکاشف عنها أمر مستقلّ فهو مسلّم ، لکنّه خـارج عـن مسألـة المقدّمـة ؛ لأنّ محـطّ البحث إنّما هـو فی وجوبها الغیری ، لا الوجوب المستقلّ .
وإن اُرید : أنّ الکاشف أمر غیری وبعث مسبّب عن البعث إلی ذی المقدّمة فلا یمکن کاشفیة الأمر الغیری عن شرطیة شیء واقعاً ؛ وذلک لأنّ الملازمة ـ علی تقدیر ثبوتها ـ فیما إذا علم بمقدّمیة شیء بالوجدان ، کنصب السلّم للکون علی السطح ؛ فیقال : إنّه واجب ؛ لکونه مقدّمة للکون علی السطح . وأمّا إذا لم یعلم بمقدّمیة شیء فلا ، کما إذا لم یعلم بشرطیة الوضوء للصلاة ، فلا یکشف عن شرطیته الأمر الغیری المترشّح عن الأمر بالصلاة ، وهو واضح .
وإذا فرض تعلّق الأمر بالصلاة المتقیّدة بالوضوء ؛ لقوله تعالی : «إِذَا قُمْتُمْ إِلَی الصَّلاَةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَکُمْ وَأَیْدِیَکُمْ . . .» الآیة ، یصیر الوضوء شرطاً عقلیاً ، یحکم العقل بلزوم إتیانه .
کتابجواهر الاصول (ج. ۳): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 245