الأمر العاشر فی مقتضی الأصل عند الشکّ فی الملازمة وعدمها
لو شکّ فی ثبوت الملازمة وعدمها ، فهل یوجد فی المسألة أصل موضوعی أو حکمی یکون مرجعاً عند ذلک ، أم لا وجهان .
الحقّ : أنّه لا یکون لنا أصل یعتمد علیه یعیّن الملازمة ولا عدمها ؛ لأنّه لم یکن لهما حالة سابقة لیستصحبا ؛ بداهة أنّ الملازمة وعدمها أزلیة . ولو کان أصل ولکنّه لا فائدة له ولا یترتّب علیه الأثر ؛ لأنّ الأصل إمّا موضوعی أو حکمی :
أمّا الأصل الموضوعی : فلأنّ الملازمة بین إرادة ذی المقدّمة وما یراه مقدّمة ـ سواء قلنا بأنّهما من لوازم وجود ذی المقدّمة ، أو من لوازم ماهیته ـ لو کانت ثابتة ، ولکن لیس لهما سابقة معلومة .
واستصحاب عدم الملازمة ، إن اُرید به النفی البسیط عند عدم وجود الموضوع وإن کان معلوماً ، إلاّ أنّ إثباته علی الموضوع الخارجی مثبت .
وإن اُرید به النفی المرکّب ـ أی الملازمة بین ذی المقدّمة وما یراه مقدّمة ـ ففیه :
أوّلاً : أنّه لم یکن له حالة سابقة متیقّنة لیستصحب .
وثانیاً : لو سلّم أنّ له حالة سابقة ، ولکن لم یکن له أثر شرعی ؛ لأنّ الملازمة أو عدمها لم تکن موضوعة للحکم الشرعی ؛ لأنّ العقل یحکم بالوجوب علی فرض الملازمة ، وبعدم الوجوب علی فرض عدم الملازمة ، المستصحب لابدّ وأن یکون إمّا
کتابجواهر الاصول (ج. ۳): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 235 حکماً شرعیاً أو موضوعاً لحکم شرعی ، وواضح : أنّ الملازمة أو عدمها لیستا حکمین شرعیین ، ولا موضوعین لحکم شرعی .
هذا بالنسبة إلی الأصل الموضوعی .
وأمّا الأصل الحکمی : فاستصحاب عدم وجوب المقدّمة وإن کان جاریاً ـ لکون وجوب ذی المقدّمة مسبوقاً بالعدم ولو قبل وجوب ذی المقدّمة ؛ بداهة أنّ نصب السلّم ـ مثلاً ـ قبل وجوب الکون علی السطح لم یکن واجباً ، فلو شکّ فی وجوبه بعد وجوب الکون علی السطح فیستصحب عدمه ، فأرکان الاستصحاب وإن کانت تامّة ـ ولکنّه لا یترتّب علیه فائدة وثمرة عملیة ؛ لما أشرنا أنّه لا یترتّب علی هذا الوجوب ولا لنفیه أثر شرعی ، وأشرنا أنّ القائل بعدم الملازمة أیضاً یری وجوب المقدّمة عقلاً .
فتحصّل ممّا ذکرنا : أنّه لم یکن فی المسألة أصل موضوعی ، ولا حکمی عند الشکّ فی وجوب المقدّمة بحیث یصحّ الاتّکال علیه ، فتدبّر .
کتابجواهر الاصول (ج. ۳): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 236