المسألة الرابعة
حـول کلمة «ها»
«ها» تأتی علیٰ وجوه:
الأوّل: اسم فعل بمعنیٰ «خذ»، ویجوز مدّ ألفها، وتستعمل بکاف الـخطاب وبدونها، ویجوز فی الـممدودة أن تستغنی عن الـکاف بتصریف همزتها تصاریف الـکاف، فیقال: هاءً للمذکّر، وهاءٍ للمؤنّث، وهاؤُما وهاؤم وهاؤنّ، ومنـه قولـه تع الـیٰ: «هَاؤُمُ اقْرَؤُوا کِتَابِیَهْ»، وهذا من غریب الـتصاریف.
الثانی: تأتی ضمیر مؤنّث، تستعمل مجرورة الـموضع ومنصوبتـه، نحو:
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 4)صفحه 275 «فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا»، و الـهاء الـضمیر، والألف علامـة الـتأنیث، أو یقال: إنّ الـهاء للتأنیث.
الثالث: تأتی للتنبیـه، فتدخل: تارة علیٰ اسم الإشارة غیر الـمختصّـة ب الـبعید، نحو هذا وهذاک، إلاّ أنّها تدخل من الـمتوسّط علیٰ الـمفرد، ولم یثبت لی أنّ «ها» هنا لها معنیً مستقلّ، ولا یناسب موارد استعمال الإشارة إلاّ ما شذّ، فإنّـه کثیراً ما یستعمل فی موارد مخاطبـة الإنسان نفسـه فی الـشعر و الـنثر، أو مخاطبـة الـغائب، فلایکون محلّ للتنبیـه عادة حسب الـمتعارف، فدعویٰ: أنّ «هذا» من حروف الإشارة، أولیٰ من دعویٰ: ترکّبها من هاء الـتنبیـه والإشارة.
واُخریٰ: ضمیر الـرفع، نحو قولـه تع الـیٰ: «هَا أَنْتُمْ أُولاَءِ»، ولازم ذلک کونـه للتنبیـه الأعمّ من الـمفرد و الـجمع، کما لا یخفیٰ.
وثالثة : تجیء نعتـاً لـ «أیّ» فی الـنداء، نحو «یَا أَیُّهَا النَّاسُ»، وهی فی هـذا الـموضع واجبـة للتنبیـه علیٰ أنّـه الـمقصود ب الـنداء، وقیل: للتـعویض عمّا تضاف إلـیـه، ویجوز فی هذه ضمّها علیٰ لغـة بنی م الـک من بنی أسد، فیقولون: «یا أیّهُ الـرجل» بضمّ الـهاء، ومنه قوله تع الـیٰ فی سورة الـرحمن: «سَنَفْـرُغُ لَکُـمْ أَیُّـهَ الثَّقَـلاَنِ» فیکون الـضمّ للإتباع
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 4)صفحه 276 و الـمجاورة، وفی غیر هذا الـموضع أیضاً.
والذی هو التحقیق: أنّ الـمنادیٰ هو الـناس، و«أیّ» تفید الـعموم الـبدلی؛ دفعاً لتوهّم کون الـناس ب الـعموم الـمجموعی مورد الـنداء، وحیث لا یتصوّر الـعموم الـمجموعی فی نحو «یَا أَیُّهَا النَّبِیُّ» و«یا أیها الـرجل»، فتکون «أیّ» تفید الـعموم الـبدلی الأحو الـی، ولأجل أنّ «أیّ» لا تکفی للفصل بین یاء الـنداء و الـمنادیٰ الـمعرّف بالألف و الـلام جیء ب الـهاء حتّیٰ یستحسن الـکلام، ویخرج عن الـشناعـة والاشمئزاز فی الـمفرد.
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 4)صفحه 277