إیقاظ: حـول معنیٰ «السماوات»
الـسماء فی الـقرآن مفرداً یقرب من 120 مورداً، وجمعاً 190 مورداً، وربّما تکون مفرداً، ویرجع إلـیـه ضمیر الـجمع، نحو قولـه تع الـیٰ: «ثُمَّ
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 4)صفحه 155 اسْتَوَیٰ إلَیٰ السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَـٰوَاتٍ».
وفی هذا الـنحو من الاستعمال إشکال: وهو أنّ طبیعـة الـسماء ـ بما هی هی ـ لا کثرة فیها، کسائر الـطبائع، وإنّما الـکثرة تلحقها لاُمور لاحقـة بها، ولفظـة « الـسماء» موضوعـة لتلک الـطبیعـة، فحینئذٍ إن لوحظت الـطبیعـة جمعاً فلا منع من إرجاع ضمیر الـجمع إلـیها ب الـضرورة، وأمّا إرجاع ضمیر الـجمع إلـیها حال کونها مُفردة فغیر معقول؛ لأنّ الـضمیر لیس إلاّ للإشارة إلـیٰ ما سبق، وماهو الـسابق لیس إلاّ الـطبیعـة الـوحدانیـة، فکیف یُعقل الإرجاع الـمذکور؟
وما اشتهر: من حمل هذا الـنحو من الاستعمال علیٰ أنّ الـمراد فی الـمرجع هو الـمعنیٰ الـجنسی، غیر صحیح؛ لأنّ الـمعنیٰ الـجنسی بما هو هو أیضاً معنیً واحد، ومادام لم تلحقـه الـکثرة واقعاً لایعقل إرجاع الـکثیر إلـیـه.
وما اشتهر فی الاُصول: من جعل الـطبیعـة مرآة لخصوصیّات الأفراد غیر صحیح؛ ضرورة أنّ الـمرآتیـة لیست إلاّ ب الـجعل و الـمواضعـة، ولایمکن أن یدلّ الـلفظ الـموضوع للطبیعـة إلاّ علیٰ ما وضع لـه. نعم یمکن الـمجاز، وهو خلاف الـفرض.
اعلم: أنّ هذه الـشبهـة قد مرّت فی هذا الـکتاب مع جوابها فی ذیل قولـه تع الـیٰ: «غَیْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَیْهِمْ» بناءً علیٰ رجوع ضمیر الـجمع إلـیٰ الألف و الـلام الـموصول، فراجع.
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 4)صفحه 156