الوجه الخامس
حـول کون استعمال الاشتراء مجازاً
اختلفوا فی مجازیة الاشتراء وحقیقته علیٰ أقوال:
فمن قائل: إنّـه من الاستعمال الـحقیقی؛ وذلک لأنّ الإنسان ـ حسب خلقتـه ـ ذو شؤون کثیرة بحسب سیره إلـیٰ الـسعادة و الـشقاوة، فما کان من شؤون الـسعادة کأنّها ذاتیـة، وما کان من شؤون الـشقاوة عرضیـة استملکها من غیره، ولایعتبر فی الـبیع ـ حسب ما تحرّر ـ کون الـمبیع من الأعیان، کما فی بیع « الـسَّرْقُفْلیـة»، فبناء علیـه یکون الـشراء علیٰ حقیقتـه.
وبعبارة اُخریٰ: الألفاظ موضوعـة للمعانی الـعامّـة، فلا مجازیـة فی أمثال الـمقام.
وقد فرغنا عن فساد هذه الـمق الـة الـذوقیـة الـعرفانیـة، ونبّهنا أنّـه لایجوز الـخلط بین الـحقائق و الـذوقیات وبین باب الألفاظ والأوضاع، فإنّ
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 4)صفحه 19 کلاًّ میسَّر لمّا خلق لـه.
ومن قائل: إنّـه من الاستعارة، أو إنّـه من الـمجاز ب الـعلاقـة.
و الـذی هو الـحقّ: أنّ الألفاظ فی مقام الاستعمال لاتکون إلاّ مستعملـة فیما وضع لـه، ولا أساس لباب الـمجازات؛ بمعنیٰ استعمال الـلفظ فی غیر الـموضوع لـه، فالاشتراء یستعمل فیما لـه من الـمعنیٰ، إلاّ أنّ فی هذا الـموقف أیضاً مسلکین:
أحدهما: أنّ الـمتکلّم فی مقام الادّعاء: بأنّ هناک مبیعاً وثمناً.
وثانیهما: أنّ الـمقصود الأصلی من الاستعمال انتقال الـمخاطب إلـیٰ مراد الـمتکلّم بحسب الـجدّ و الـحقیقـة، ولأجلـه یُعدّ مجازاً وقَنْطَرة.
وعلیٰ کلّ تقدیر یسقط ما توهّمـه أرباب الـتفسیر هنا وفی غیر مقام، وتفصیلـه فی محلّ آخر.
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 4)صفحه 20