القراءة والإعراب
قولـه تع الـیٰ: «صُمٌّ بُکْمٌ عُمْیٌ» أخبار لمبتدأ محذوف: اُولئک صُمّ وبُکْم وعُمی؛ بحذف حرف الـعاطف، ویمکن أن یکون الـمحذوف ضمیر الـجمع: هم صُمّ بُکْم عُمْی؛ علیٰ أن تکون الأخبار خبراً بعد الـخبر کما قال ابن م الـک:
وأخبروا باثنین أو بأکثرا
عن واحدکَهُمْ سُراة شُعَرا
وذلک عندی محلّ الـمناقشـة، فإنّ الـخبر الـثانی لایکون خبراً إلاّ بإرجاع الـنظر ثانیاً إلـیٰ الـمبتدأ، فیکون الـمبتدأ محذوفاً، ویحتمل أن یکون «صُمّ» خبراً والآخران وصفان لـه، أو الـث الـث وصف الـثانی أیضاً.
ودعویٰ: أنّ الـمحذوف هو ضمیر «هم» دون «اُولئک» أو الـعکس، غیر واضحـة؛ لإمکان کلّ واحد منهما؛ سواء کانت الآیـة تـتمّـة الـمثال، أو کانت من أوصاف الـمنافقین. نعم بناءً علیٰ أنّ اُولئک للإشارة إلـیٰ الـبعید، فإن کانت الآیـة وصف ح الـهم تکون لفظـة اُولئک أولیٰ ب الـحذف، ومن الـمحتمل
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 4)صفحه 112 کون الـمحذوف فاء الـعطف؛ أی صُمّ فبُکْم فعُمْی، فهم لایرجعون. وسیظهر لـه نکتـة راقیـة فی بحوث اُخر.
ثمّ إنّ المحکی عن ابن مسعود وحفصـة: صُمّاً بُکْماً عُمْیاً علیٰ النصب.
وهذا یتحمّل وجوهاً: من کونها مفعولاً ثانیاً لترک، ومن کونها منصوبةً علیٰ الـحال من الـمفعول فی «ترکهم»، ومن کونها منصوبـة بفعل محذوف، ومن کونها منصوبـة علیٰ الـحال من الـضمیر فی «لاَیُبْصِرُونَ»، ومن کونها منصوبـة علیٰ الـذمّ.
وبذلک الـوجوه یختلف کونها من تـتمّـة الـتمثیل، أو من أوصاف الـمنافقین.
وغیر خفیّ: أنّ توصیف الـمنافقین بأنّهم لایبصرون، ثمّ بأنّهم الـعمیان، من الـتکرار، وهکذا الـقول ب الـح الـیّـة. وأمّا الـقول بأنّ الـنصب علیٰ حذف الـفعل، فهو شنیع؛ لأنّ کلّ کلام غلط یُصحّح ب الـحذف والإیصال.
وأمّا الـنصب علیٰ الـذمّ فلایوجب کون الـجملـة بلا محلّ من الإعراب، فیلزم ما أشرنا إلیـه. فقراءة الـنصب غلط جدّاً.
فعلیٰ هذا تکون الآیـة تـتمّـة حال الـمنافقین علیٰ أحد الـوجوه الـسابقـة. نعم علیٰ الـقول بأنّها دعاء وجملـة إنشائیـة، یکون حذف الـفعل مناسباً کما لایخفیٰ.
قولـه تع الـیٰ: «فَهُمْ لاَیَرْجِعُونَ» جملـة خبریـة معطوفـة علیٰ جملـة
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 4)صفحه 113 خبریـة أو إنشائیـة، فإنّ احتمال کون الـجملـة الاُولیٰ دعاء علیهم قویّ، فتکون الـثانیـة عطفاً علیٰ الـدعاء الـمستجاب ومترتّبـة علیـه، وأمّا احتمال کونها أیضاً دعاء فهو بعید جدّاً، ولایناسبـه الـفاء، ولایرجعون من الـرجوع الـلازم هنا ب الـضرورة، ولا معنیٰ لحذف الـمفعول بـه. نعم ماهو الـمحذوف هو مبدأ الـرجوع ومحلّ الـرجوع، فاحتمال حذف الـمفعول بـه ـ کما فی کلمات الـمُعرِبین هنا ـ من الاشتباه الـواضح.
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 4)صفحه 114