الوجه الثالث
حـول اشتمال الآیة علیٰ إخبارات مترتّبة علیٰ السابقة
الـظاهر أنّ هذه الآیـة إخبارات، ولایکون قولـه تع الـیٰ: «بُکْمٌ عُمْیٌ» وصفاً لقولـه: «صُمّ»، کما أنّ الأظهر أنّها إخبارات عن أوصاف الـمنافقین، ولیست من تـتمّـة الـتمثیل، فلیس الـمقصود أنّ الـمستوقد الـذی ذهب اللّٰه بنوره هو الأصمّ الأبکم.
وأیضاً إنّ الـظاهر أنّها إخبارات تستوعب الـمنافقین الـسابقین، ولایکون بعضهم أصمّ، وبعضهم أبکم وأعمیٰ، بل کلّهم صُمّ بُکْم عُمْی، وکلّهم لایرجعون.
ویظهر من بعضهم: أنّـه تمثیل ثانٍ، و الـذی یأتی تمثیل ث الـث، فقد مُثِّلوا فی هذه الآیـة ب الـذین هم صُمّ بُکْم عُمْی و الـذین فقدوا هذه الـحواسّ.
والذی هو الأقرب: أنّـه بحسب الـمعنیٰ من آثار الآیـة الـسابقـة، ولیست مستقلّـة فی الـنظر و الـتمثیل، فإنّـه إذا کانت حال الـمنافقین الـمتشبّهین ب الـمسلمین، حال الـمستوقد ناراً الـذی أضاء حولـه بناره وبإظهاره الإسلام، فلمّا ذهب اللّٰه بنورهم ونیرانهم، وقعوا فی الـظلمات
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 4)صفحه 116 الـمادّیـة و الـحسّیـة و الـعقلیـة، فلایبصرون ولایسمعون ولایدرکون شیئاً، ولیس لهم الـبصیرة فی أمرهم، فهم الـبُکْم الـعُمْی، فهم ـ بعد هذه الـکارثـة و الـمصیبـة الـشاملـة، الـساریـة فی أعماق حیاتهم الـفردیـة والاجتماعیـة ـ لایرجعون، وکیف یرجعون؟! وأنّیٰ یرجعون وهم فی هذه الـح الـة وبتلک الآفـة؟! ولأجل هذا الـربط الـواضح توهّم جمع منهم: أنّ هذه الآیـة من تـتمّـة الآیـة الـسابقـة، ولیست مستقلّـة، کما اُشیر إلـیـه فی صدر الـمباحث الـسابقـة، وحذف حرف الـعطف و الـمبتدأ أیضاً یوهم ذلک، ولاسیّما بعد الإتیان بأداة التمثیل فی الآیة الت الیة، فدعویٰ أنّ هناک أمثالاً ثلاثـة غیر متینة.
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 4)صفحه 117