الوجه التاسع
المراد من جعل الأصابع فی الآذان
من الأسئلـة: أنّهم هل یجعلون أصابعهم فی آذانهم أم أنامل أصابعهم؟ ثمّ سؤال آخر: هل یجعلون أنامل أصابعهم فیها، أم یجعلون الـسبّابـة أو
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 4)صفحه 185 الـوسطیٰ؛ أی أنمُلـة واحدة حسب الـمتعارف، ولاتـتحمّل الاُذُن أکثر منها.
و الـجواب عن الأوّل: بأنّ جعل الأنامل عین جعل الأصابع؛ لأنّها جزء منها، فیصدق ذلک ، ولایلزم أن یجعل کلّ الإصبع؛ حتّیٰ یلزم الـمناقشـة فی الآیـة؛ وإن هی تامّـة إلاّ أنّ الـظاهر هو جعل جمیع الأنامل فی الآذان، فإذا قیل: «اغسلوا أیدیَکم» یستفاد منه لزوم غسل الأیدی و الیدین، والأمر هنا کذلک.
والذی یظهر لی: مضافاً إلـیٰ أنّ قیام الـقرینـة، یوجب أن یکون الـعموم انحلالیاً أفرادیاً؛ أی یجعل کلّ واحد منهم اُنمُلتـه، فالأنامل مقابل الـعموم الأفرادی، أنّ فی ذلک الـتعبیر إشعاراً بنهایـة خوفهم من تلک الـظواهر الـحدیثـة و الـحوادث الـفوقانیـة الـمحیطـة بهم، فکأنّهم لشدّة حیرتهم لایتوجّهون إلـیٰ ما یصنعون، فیضعون الأنامل فی آذانهم.
وبالجملة: هذه الـجملـة وأشباهها لیست مرادة بالإرادة الـجدّیّـة، بل هی استعم الـیـة؛ لیتوجّـه الـملتفت الـفقیـه إلـیٰ ماهو الـمقصود من جعل اُنمُلـة سبّابـة الـیمنیٰ فی الـیمنیٰ و الـیسریٰ فی الـیسریٰ، فلا مشکلـة جدّاً فی مقام الاستعمال، ولا حذف ولا مجاز إلاّ بهذا الـمعنیٰ؛ أی بمعنیٰ اختلاف الـمراد الـجدّی و الـمراد الاستعم الـی، کما فی موارد الـکنایـة، فإنّ باب الاستعمالات کلّها من قبیل الاستعمال الـکنائی من تلک الـجهـة.
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 4)صفحه 186