وعلیٰ مسلک أصحاب التفسیر وأرباب التنظیر
«أَوْ کَصَیِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ»؛ أی او کذوی صیِّب وسحاب من ناحیـة الـفوقانی. «فِیهِ ظُلُمَاتٌ» ثلاثـة: ظلمـة الـلیل، وظلمـة تراکُم الـسحاب، وظلمـة تراکم الأمطار. «وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ»: مثال لتوضیح اشتمال الـسحاب علیـه، وربّما یزداد علیـه، وربّما ینقص.
«یَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ»؛ أی بعض الإصبع «فِی آذَانِهِمْ» وحلقـة سمعهم الـظاهرة «مِنَ الصَّوَاعِقِ»و الـنوازل الـمتجمّدة «حَذَرَ الْمَوْتِ» وخوف الفناء«وَاللّٰهُ مُحِیطٌ بِالکَافِرِینَ» فلا یفوتونـه، کما لایفوت الـمحاطَ بـه الـمحیطُ بـه حقیقـة.
وقریب منه: «أَوْ کَصَیِّبٍ»؛ أی ومثلهم کصیّب «مِنَ السَّمَاءِ»، فلا یتوهّم کونـه من الأرض «فِیهِ ظُلُمَاتٌ» شدیدة متراکمـة بعضها فوق بعض «وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ» یتولّدان من اصطکاک الـکهربائیـة الإیجابیـة و الـسلبیـة «یَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ»بأجمعها «فِی آذَانِهِمْ» لشدّة تحیّرهم وعدم شعورهم بالاُمور الـواضحـة؛ فضلاً عن غیرها «مِنَ الصَّوَاعِقِ» الـتی تحصل من تماسّ الأسلاک الـمثبتـة و الـمنفیّـة، وتصل وتصاب إلـیٰ الأرض «حَذَرَ
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 4)صفحه 204 الْمَوْتِ»، ولأجل الـتجنّب عن الـهلاک و الـمصائب واللّٰه تع الـیٰ یتوفّیٰ الأنفُسَ ویقدّر الـموتَ و الـحیاة، ولا ینفعهم الاحتراز و الـتحذّر من الـموت، فیکون هو الـمحیط ب الـکافرین، وهو مقتدر ب الـنسبـة إلـیهم، وقادر علیٰ تقلّباتهم ونشآتهم.
وقریب منه: «أَوْ کَصَیِّبٍ» ومثلهم صیّب ومطر مِنَ السَّمَاءِ «فِیهِ ظُلُمَاتٌ»مُشدّدة غلیظـة ومن الـنواحی الـمختلفـة «وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ» وفیـه الـرعود و الـبروق؛ لأجل ما یشاهد فی خلال الأمطار من تلک الأضواء والأصوات، فهی حالّـة فیها ومتولّدة حولها «یَجْعَلُونَ» الـمنافقون و الـکافرون الـمُسِرّون کفرهم وعنادهم «أَصَابِعَهُمْ فِی آذَانِهِمْ»؛ أی یجعل بعضهم أصابعهم فی آذان الآخرین، أو هم یختلفون فی ذلک لشدّة الـتحیّر و الـخوف، ولکثرة الأصوات و الـبروق، فلا یدرکون ما یصنعون «مِنَ الصَّوَاعِقِ»والأحجار الـکبریتیـة الـسماویـة الـتی تحتجر لأجل الـتضادّ الـکیماوی الـحاصل من الاختلاط بین الـدخانیات و الـدهنیات الـمتصاعدة الـجوّیـة الـمصابـة إلـیٰ الأرض لثقلها، أو لأجل الـجاذبـة الـعامّـة، أو یحصل ذلک من الـکهربائیـة والأسلاک فی أوساط الـوصول إلـیٰ الأرض «حَذَرَ الْمَوْتِ» وخوف أن لا یصلوا إلـیٰ مرامهم ومقصودهم، فتموت حیاتهم الاجتماعیـة ویضمحلّ نشاطاتهم الـسیاسیـة «وَاللّٰهُ مُحِیطٌ بِالکَافِرِینَ» الـذین هم الـمنافقون أو هم الـمصابون منهم، أو من غیرهم.
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 4)صفحه 205