الوجه الثامن
حـول المناقضة فی «مِنَ الثَّمَراتِ»
«مِنْ» فی قولـه تع الـیٰ: «مِنَ الثَّمَرَاتِ» للتبعیض، وعلیٰ هذا یتوهّم الـمناقضـة، فإنّ الـجمع الـمحلّیٰ بالألف و الـلام، یفید الـعموم حسب الـوضع عند الأصحاب، إلاّ من شذّ، و الـتبعیض یناقض الـعموم، ولأجل ذلک یمکن أن یوجّـه قول من توهّم: أنّ «من» هنا للتبیـین ، أی فاُخرجُ بـه رزقاً لکم من الـثمرات، أو قیل: «من» تکون زائدة.
وسیظهر تحقیق الـمسألـة فی الـمباحث الاُصولیـة حـول الآیـة الـشریفـة، وقد تحرّر عندنا فیها: أنّ الـجمع الـمحلّیٰ بالألف و الـلام لا یفید الاستغراق وضعاً، بل کلمـة «کلّ» وأمث الـها أیضاً کذلک.
ثمّ إنّ «من» لابدّ وأن یکون للتبعیض؛ ضرورة أنّ کثیراً من الـفواکـه و الـثمرات لیست من الـماء الـنازل من الـسماء.
وفی تقدیم جملـة «مِنَ الثَّمَرَاتِ» علیٰ جملـة «رِزْقَاً» إشعار بأنّ الإخراج متعلّق ب الـثمرة أوّلاً، و الـرزق غایـة الإخراج، وهی متأخّرة بحسب
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 4)صفحه 366 الـوجود الـعینی و الـخارجی وإن کان متقدّماً بحسب الـذهنی و الـنفسانی، وفی تنکیر الـرزق إشعار بأمر واقعیّ، وهو أنّ جمیع الأرزاق لیس من الـماء الـسماوی والأمطار الـنازلـة ب الـضرورة.
وربّما یُشعر إعادة کلمـة «لکم» هنا وعدم إعادتها فی الـجملـة الـسابقـة بأنّ مسألـة جعل الـسماء بناءً، لیس منافعـه راجعـة إلـیٰ ساکنی الأرض خاصّـة، بل هو أمر عامّ یشترک فیـه الأسفلون والاعلون وقد مرّ منّا الإشارة إلـیٰ هذه الـنکتـة فی ذکر الـوجوه حـول هذه الـجهـة.
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 4)صفحه 367