الوجه الثانی عشر
فی ثمرة الجملة الاعتراضیة فی هذه الآیة
قد أشرنا آنفاً إلـیٰ أنّ من ثمراتها توجیـه الـمرتابین إلـی الـیأس والالتفات إلـیٰ أنّ هذا الأمر ممّا لایمکن حصولـه منهم، ولکنّـه أفاد ذلک تحت ظلّ الأدب فلم یسند إلـیهم الـعجز و الـجهل و الـذلّـة، بل أسند إلـیهم عدم فعلهم ذلک، وهو کما مرّ أعمّ، وهذا أیضاً نوع من الـثمرة الـمقصودة، فإنّ کلام الله إلـه الـکلمات، وفی توجیههم إلـیٰ الـیأس إرشادهم إلـیٰ الـهدایـة ب الـوجـه الألزم، وکأنّـه قد سدّ علیهم الأبواب إلاّ باب الـدخول فی الإسلام والاشتباک مع الـمسلمین فی الأحکام.
ثمّ إنّ فی الإخبار بعدم تصدّیهم للإتیان بمثلـه نوعَ توجیهٍ إلـی أن یلتفتوا إلـیٰ عظمـة الأمر ویتنبّهوا إلـیٰ أنّ سعیهم عبث وجهدهم لاینفع، ولاسیّما بعدما کانوا یعرفونـه صلی الله علیه و آله وسلم بالأمانـة و الـصدق طِیلَةَ عمره الـشریف وطوال حیاتـه الـطیّبـة، فإخباره بذلک بنحو الـجزم و الـقطع، یشهد علیٰ واقعیـة قصورهم وعجزهم تکویناً، فألزمهم بذلک إلـیٰ الانسلاک فی سلک الـمسلمین، والانتماء إلـیٰ الإسلام بالإقرار وعقد الـقلب.
فهذه الـجملـة الـقصیرة بظاهرها عظیمـة بواقعها، ذات ثمرات عدیدة فی هذه الـمحاجّـة و الـمخاصمـة و الـحوار و الـمک الـمـة، ومنها الـتأکید بأداة خاصّـة، أو بالأداة الـنافیـة الأبدیـة، فإنّـه منـه صلی الله علیه و آله وسلم یؤثّر فی قلوبهم تأثیراً عمیقاً، ویوجب انتق الـهم إلـیٰ أنّ هذه الآیات أیضاً لیست منـه صلی الله علیه و آله وسلم
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 4)صفحه 457 بعدما لم یصدر منـه أمث الـه فی الأزمنـة الـخ الـیـة و الـمجامع الـماضیـة، فبها یثبت أنّ ما سلف ونفْسَها کلَّها من عند الـعزیز الـمتعال.
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 4)صفحه 458