وعلیٰ مسلک الحکیم الإلهی والعارف الربّانی
مَثَل هؤلاء الـمنافقین فی جمیع طبقاتهم، وبجمیع مراتب الـنفاق الـمشترک فیها کافّـة الأنام وثلّـة من الـمؤمنین وأهل الإسلام، «کَمَثَلِ الَّذِی اسْتَوْقَدَ» ـ فی اُفُق نفسـه فی زاویـة قلبـه ـ نار الاستعداد وضوء الاهتداء
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 4)صفحه 102 ونیران الـحرکـة إلـیٰ الـسعادة و الـتوجّـه من منازل الـنفس إلـیٰ مراحل الـقلب و الـروح، وکمَثَل الـذی استوقد نار الـسفر من الـطبیعـة الـسفلیٰ إلـیٰ أحکام الـنفس، ومن تلک الأحکام الـکثیرة إلـیٰ الـحکم الـوحید الـعقلانی ب الـتهیّؤ للخروج عن کافّـة هذه الـبیوت الـمظلمـة، و الـدخول فی الـنور وفی حکم أحکم الـحاکمین.
«فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ» من تلک الـبیوت والأسباب للسفر و الـخروج من الـشقاوة الـبدویـة الـتخیّلیـة إلـیٰ الـسعادة الـدائمـة الـواقعیـة «ذَهَبَ اللّٰهُ بِنُورِهِمْ» وباستعدادهم الـذاتی وإمکانهم الاستعدادی وسراجهم الـمنیر الإنسانی «وَتَرَکَهُمْ» اللّٰه تع الـیٰ «فِی ظُلُمَاتٍ» کثیرة غیر معروفـة وغیر معلومـة، «لاَیُبْصِرُونَ» فیها ولایُشخّصون، ولایتمکّنون من الاهتداء بعد ذلک ب الـضرورة، فإنّ مَن أضلّـه اللّٰه فلا هادی لـه.
وقریب منه: «مَثَلُهُمْ کَمَثَلِ الَّذِی اسْتَوْقَدَ ناراً» وقصّتهم ونفاقهم الاختیاری وبسوء الـسریرة، کقصّـة الـمستوقد ناراً بالاختیار والإرادة، «فَلَمَّا أضَاءَتْ» الـنار «مَا حَوْلَهُ» حسب الـطبع و الـعادة وحسب الـجِبِلّـة و الـطبیعـة «ذَهَبَ اللّٰهُ بِنُورِهِمْ»باختیارهم وإرادتهم، وکأنّهم ذهبوا أوّلاً بنور أنفسهم باختیار الإلحاد و الـکفر و الـنفاق، «وَتَرَکَهُمْ فِی ظُلُمَاتٍ» بإیقاعهم أنفسهم فی الـظلمات حسب شعورهم وطبق إرادتهم، فیکون کلّ منافق من هذه الـجهـة مظهر اسم من الأسماء الإلهیـة، فإنّ نسبـة الإذهاب إلـیـه تع الـیٰ، وهکذا نسبـة الـترک، تصحّ باعتبار قیامهم بسوء اختیارهم ب الـمبادئ والأسباب الـمنتهیـة إلـیٰ ذهاب اللّٰه بنورهم، وإلـیٰ ترکهم فی ظلمات «لاَیُبْصِرُونَ» قهراً وجبراً، وبالاختیار وسوء الإرادة، کما لایخفیٰ علیٰ أهلـه.
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 4)صفحه 103