الإعراب والنحو
قولـه تع الـیٰ: «أَوْ کَصَیِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِیهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ» عطف؛ أی مثلهم کصَیِّبٍ من الـسماء، وقیل: «أو» هنا بمعنیٰ الـواو؛ لأنّ الـمث الـین واحد، وقیل: بمعنیٰ «بل»؛ لأنّ فی هذا الـتمثیل اشتدّت فضاحـة الـمعاندین الـمنافقین، وقیل: هو للإبهام، وقیل: هو للتفصیل والإباحـة و الـتخیـیر.
والذی یظهر ممّا مرّ: أنّ لکلمـة «أو» معنیً واحداً، وإنّما اختلاف الـخصوصیّات یستند إلـیٰ الـقرائن الـحافّـة.
و الـکاف فی موضع رفع بناءً علیٰ الـعطف. و الـحقّ: أنّـه حرف لا موضع لـه.
وفی جرّ « الـصیِّب» احتمالان: أحدهما أنّـه مجرور ب الـکاف، و الـثانی أنّـه مجرور ب الـمضاف الـمحذوف؛ أی هو «کأصحاب الـصیِّب»، أو «کذوی صیِّب»، وإنّما قُدِّر الـجمع؛ لقولـه تع الـیٰ: «یَجْعَلُونَ» بناء علیٰ أحد الـوجوه الآتیـة، وإلاّ فلا حاجـة إلـیٰ حذف الـمضاف، فضلاً عن تقدیر الـجمع. هذا،
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 4)صفحه 170 مع أنّ إرجاع الـضمیر إلـیٰ الـمقدّر الـذهنی جائز، وقیل: الـتقدیر: «أو کمطر صیِّبٍ من أمطار الـسماء»، فلاتکون کلمـة «من» لابتداء الـغایـة، بل هی للتبعیض. وهذا واضح الـفساد.
«فِیهِ ظُلُمَاتٌ» أی تکون فیـه ظلمات ، أو الـسماء الـذی فیـه ظلمات، أو حالَ کونـه فیـه ظُلمات، أو «فِیهِ ظُلُمَاتٌ» علیٰ الـخبر الـمقدّم و الـمبتدأ الـمؤخّر، وتکون الـجملـة فی محلّ الـصفـة، أو جملـة مستقلّـة محذوف حرف عاطفها، أی «کَصیِّبٍ منَ السّماءِ وَفیهِ ظُلُماتٌ».
ویحتمل فی الآیـة أن یکون الـکاف زائداً، واختاره بعضهم؛ مدّعیاً عدم الـحاجـة إلـیـه؛ لأنّـه عطف.
والحقّ: أنّـه علیٰ تقدیر الـزیادة یکون معناه : «مثلهم صیّب من الـسماء»، وقد مرّ بیانـه فی الـتمثیل الأوّل.
قولـه تع الـیٰ: «یَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِی آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ» فی قوّة: «فیجعل الـمُصابونَ ب الـصیِّب أصابِعَهُمْ فی آذانِهم».
وقیل: الـجملـة لا محلّ لها من الإعراب؛ لأنّها جواب سؤال مقدّر؛ کأنّـه قیل: فکیف ح الـهم مع مثل ذلک الـرعد؟
وقیـل: موضعهـا الـجرّ؛ لأنّها فی محـلّ الـوصف لـ «أصحـاب» أو «ذوی» الـمحذوف.
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 4)صفحه 171 وقیل: هی فی موضع الـنصب علیٰ الـح الـیّـة من ضمیر «فیـه». والأظهر أنّ الألف و الـلام إشارة إلـیٰ الـصواعق الـخاصّـة، ولا حاجـة إلـیٰ تقدیر الـضمیر الـعائد إلـیٰ « الـصیّب»، فما فی « الـبحر»: من أنّ الـمقدّر «من صواعقـه» غیر صحیح، ولو کان الـممثَّل کُلّیاً و الـتمثیل کلّیاً، یکون الألف و الـلام مفیداً للاستغراق و الـعموم علیٰ الـوجـه الـمحرّر فی محلّـه.
قولـه تع الـیٰ: «حَذَرَ الْمَوْتِ» مفعول لأجلـه علیٰ الـمشهور. وقیل: فیـه نظر؛ لأنّ قولـه تع الـیٰ: «مِنَ الصَّوَاعِقِ» مفعول لأجلـه، ولعلّ لأجلـه قال الـفرّاء هو منصوب علیٰ الـتمیـیز ویرجع فی الـحقیقـة إلـیٰ الـنکرة؛ أی حذراً من الـموت.
والذی یظهر لی: أنّ الآیـة لو کانت هکذا: «یجعلون حذرَ الـموت أصابعَهم فی آذانِهِم منَ الـصواعِقِ» لصحّ الـمعنیٰ، ویکون سبب الـجعل فی الآذان هی الـصواعق، وسبب هذا الـسبب خوف الـموت و الـتحرّز من الـموت، ولا منع من تعقیب الـمفعول لأجلـه بمفعول لأجلـه أیضاً.
وغیر خفیّ: أنّ تسمیـة متعلّقات الـفعل وخصوصیاتـه بالأسماء الـمختلفـة، لایورث أن یکون الـمفعول لأجلـه مفعولاً واقعاً، بل هو من توابع الـفعل، أو من الأسباب الـمنتهیـة إلـیٰ الـفعل، وهو الـجعل فی هذه الآیـة، ولاشبهة فی إمکان نقل الأسباب و العلل المختلفة المترتّبة بعضها علیٰ بعض.
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 4)صفحه 172 ویحتمل أن یکون مفعولاً مطلقاً لمحذوف؛ أی «یحذرون حذر الـموت»، ولایخفیٰ شناعتـه.
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 4)صفحه 173