مقتضی الأصل فی المتعارضین مع قطع النظر عن الأخبار
فیما ینبغی الکلام یقتضیه الأصل فی المتعارضین مع قطع النظر عن الأخبار العلاجیة .
فنقول : قد مرّ منّا أنّ الدلیل علی حجّیة الخبر هو سیرة العقلاء علی العمل به والاحتجاج بسببه ولیست هی حجّیة تأسیسیة من قبل الشارع ، والآیات والروایات أیضاً یستفاد منها إمضاء هذه السیرة والردع عن بعض أفراد الخبر کخبر الفاسق مثلاً . وأمّا القوم فکثیر منهم کانوا یستدلّون لحجّیته بالأدلّة الشرعیة ، والکلام هنا تارة : علی المبنی الأوّل ، واُخری : علی المبنی الثانی .
أمّا علی الأوّل : فالأصل فی صورة التعارض هو التساقط فإنّ السائل عن طریق بغداد مثلاً إذا هداه ثقة بجهة وآخر بجهة اُخری ، یتحیّر فی مقام العمل ولیس لمولاه الاحتجاج علیه بواحد منهما .
وإن شئت قلت : إنّ دلیل الحجّیة ؛ أعنی السیرة غیر جارٍ فی صورة التعارض .
هذا بالنسبة إلی المدلول المطابقی ، وأمّا بالنسبة إلی الالتزامی لهما ؛ أعنی نفی الثالث فکلّ منهما حجّة بالنسبة إلیه ، إذ الخبرین یرجع إلی أربعة أخبار ، اثنان منها التزامیان متوافقان فلا تعارض بینهما حتّی یرفع الید عنهما ، ولیس نفی الثالث مستنداً إلی أحدهما بلا عنوان عند العقلاء العاملین بالأخبار ، وتبعیة الالتزامی للمطابقی فی الدلالة لا تستلزم تبعیّـتها لها فی الحجّیة . ألاتری : أنّه لو ورد : «أکرم زیداً» وعلم المکلّف بأنّ وجوب إکرام زید یستلزم وجوب إکرام عمرو ، واتّفق بحسب الواقع عدم وجوب إکرام زید ووجوب إکرام عمرو وخالف
کتابمحاضرات فی الاصول (تشتمل علی تنبیهات الاستصحاب و التعادل و الترجیح و الاجتهاد و التقلید): تقریر الابحاث الامام الخمینی (س)صفحه 349 المکلّف فلم یکرم واحداً منهما استحقّ العقوبة لترک إکرام عمرو دون ترک إکرام زید ، مع أنّ وجوب إکرام عمرو قد علم بتبع وجوب إکرام زید ، ولم یکن علیه حجّة مستقلّة ، فافهم .
هذا بناءً علی حجّیة الأخبار من باب بناء العقلاء کما هو الحقِّ.
وأمّا بناءً علی حجّیتها من جهة الأدلّة الشرعیة من الآیات والروایات ، فتارة : یبحث فیها علی الطریقیة، واُخری: علی السببیة، أمّا علی الطریقیة فالأصل أیضاً هو التساقط بالنسبة إلی المدلول المطابقی وحجّیة کلّ منهما بالنسبة إلی الالتزامی .
کتابمحاضرات فی الاصول (تشتمل علی تنبیهات الاستصحاب و التعادل و الترجیح و الاجتهاد و التقلید): تقریر الابحاث الامام الخمینی (س)صفحه 350