نقلٌ ونقدٌ
وبهذا البیان یعلم : أنّ ما قیل من أنّه یجوز أن یستصحب السلب الترکیبی الأعمّ من سلب الموضوع ویترتّب بسببه آثار السلب الترکیبی المقیّد بوجود الموضوع . بتقریب : أنّ وجود الموضوع لا یصیر سبباً لصیرورة القضیّة قضیّة اُخری ، ویکفی فی الاستصحاب کون المستصحب فی زمان الشکّ ذا أثر وإن
کتابمحاضرات فی الاصول (تشتمل علی تنبیهات الاستصحاب و التعادل و الترجیح و الاجتهاد و التقلید): تقریر الابحاث الامام الخمینی (س)صفحه 36 لم یکن حین الیقین به موضوعاً للأثر ، فی غایة الفساد .
بداهة أنّ السلب الترکیبی الأعمّ من سلب الموضوع کلّی له فردان أحدهما سلبه بسلب المحمول فقط والثانی سلبه بسلب المحمول والموضوع معاً . ولا ریب أنّ إثبات الفرد باستصحاب الکلّی من أوضح أفراد الاُصول المثبتة ، فافهم .
وبهذا البیان أیضاً یعلم الجواب أیضاً عن التقریر الذی ذکره بعض المشایخ ، وقد مرّ ذکره ، وحاصله أنّا نقول : مشیراً إلی ماهیة المرأة أنّها لم تکن قرشیة قبل وجودها فالآن کما کانت أو نقول : مشیراً إلی ماهیة الحیوان الموجود أنّه لم یکن قبل وجوده قابلاً للتذکیة فالآن کما کان .
والجواب عن ذلک : أنّ الصادق سابقاً هو قولنا : لم تکن هذه المرأة قرشیة ، الصادق بعدم تحقّق المرأة وعدم هذیّتها ، وهذا المعنی العامّ لا یثبت به حکم المرأة الموجودة المشار إلیها بهذه والحکم الشرعی ثابت للمرأة الموجودة لا المرأة ولو فی حال عدمها ولم تکن هذه المرأة الموجودة فی حال العدم هذه المرأة حتّی یقال : بأنّها فی حال العدم کانت مسلوباً عنها القرشیة فالآن کذلک ،
کتابمحاضرات فی الاصول (تشتمل علی تنبیهات الاستصحاب و التعادل و الترجیح و الاجتهاد و التقلید): تقریر الابحاث الامام الخمینی (س)صفحه 37 وإنّما یتوهّم الواهمة أنّ لهذه المشار إلیها هذیّة قبل تحقّقها فهذه المرأة قبل تحقّقها لم تکن هذه المرأة ولا مسلوباً عنها شیء علی نحو سلب الشیء عن الشیء وإنّما یصدق حینئذٍ قولنا : «لم تکن هذه المرأة قرشیة» بعدم الهذیّة لا بسلب شیء عنها بعد فرض الهذیّة فالقضیّة المشکوکة التی اُخذ فی موضوعها الهذیّة لیست لها حالة سابقة وإن اُشیر فیها إلی الماهیة ، فإنّه قبل الوجود لا ماهیة ولا وجود .
فإن قلت : لو لم یصدق قولنا : «هذه المرأة قبل وجودها لم تکن قرشیة» لصدق نقیضه وهو : «أنّها کانت قرشیة» وإلاّ لارتفع النقیضان .
قلت : لیس نقیض قولنا : «هذه المرأة کانت قرشیة» ، «هذه المرأة لم تکن قرشیة» بحیث تکون هذیّتها محفوظة ، بل النقیض له هو قولنا : «لم تکن هذه المرأة قرشیة» الأعمّ من کون السلب بسلب المحمول المحفوظ معه الهذیّة وبسلب الموضوع الذی لا یبقی معه الهذیّة أیضاً ، فتدبّر .
کتابمحاضرات فی الاصول (تشتمل علی تنبیهات الاستصحاب و التعادل و الترجیح و الاجتهاد و التقلید): تقریر الابحاث الامام الخمینی (س)صفحه 38