ثبوت الملکیة فی مقام المرافعة وصور إحرازها
وأمّا إذا کان المقام مقام المرافعة . فإن لم یحرز بسبب علم الحاکم أو البیّنة أو إقرار ذی الید کون المال سابقاً للمدّعی ، فلا شبهة فی عدم سماع دعوی المدّعی إلاّ بالبیّنة علی الملکیة فعلاً وإن أحرز ذلک بأحدها فالصور ستّة ، إذ المحرز بأحدها : إمّا هو الملکیة السابقة للمدّعی مع احتمال حدوث الید مقارناً لانتقال الملک ، وإمّا أن یکون المحرز بأحدها حدوث یده علی المال حین کونه ملکاً للمدّعی بأمانة أو عاریة أو إجارة أو غصب أو نحو ذلک .
کتابمحاضرات فی الاصول (تشتمل علی تنبیهات الاستصحاب و التعادل و الترجیح و الاجتهاد و التقلید): تقریر الابحاث الامام الخمینی (س)صفحه 227 فإن اُحرز الملکیة السابقة للمدّعی بعلم الحاکم أو البیّنة فلا ینقلب الدعوی ولا تسقط الید عن الحجّیة ، إذ غایة ما یثبت بهما إحراز الحالة السابقة وإثبات موضوع الاستصحاب . وقد عرفت : أنّ الید مقدّمة علی استصحاب الملکیة .
وإن اُحرزت بإقرار ذی الید ، فتارة : یقرّ بکونه له سابقاً وانتقاله منه إلیه فلا ریب فی انقلاب الدعوی ، لصیرورة المدّعی حینئذٍ منکراً للنقل والمنکر مدّعیاً له . وبالجملة : إقرار ذی الید مع انضمامه إلی دعوی الانتقال یصیر موجباً لتشخیص الحاکم إیّاه مدّعیاً وصاحبه منکراً ، ولکن یجب أن یعلم أنّ أثر الإقرار مجرّد انقلاب الدعوی لا سقوط الید عن الحجّیة رأساً ، ولهذا یجوز للغیر ظاهراً معاملة مالکیة ذی الید ما لم یؤخذ عنه بحکم الحاکم .
وتارة : لا یدّعی انتقاله منه إلیه بل یدّعی انتقاله إلی ثالث وانتقاله من الثالث إلیه ، فالظاهر عدم انقلاب الدعوی حینئذٍ ، فإنّ دعوی ذی الید انتقال المال من المدّعی إلی الثالث ، وکذا دعواه انتقاله من الثالث إلیه . وإنکار المدّعی لهما لا تؤثّر فی فصل الخصومة ، والدعوی المطروحة نظیر ما إذا ادّعی ذو الید انتقال المال إلیه من رجل أجنبیّ فأنکر المدّعی ذلک ، إذ لا یصیر ذلک سبباً لصیرورة ذی الید مدّعیاً ، ولا یقاس ذلک بما إذا اعترف ذو الید بکون المال سابقاً لمورّث المدّعی الموجب ذلک لانقلاب الدعوی ، فإنّ للوارث إقامة الدعوی من قبل مورّثه بخلاف من یدّعی علیه أنّه بائع إلی ثالث ، إذ لیس له إقامة الدعوی من قبل هذا الثالث .
وثالثة : یقرّ بکونه سابقاً ملکاً للمدّعی وکونه ملکاً لنفسه فعلاً من دون أن یذکر انتقاله منه إلیه أو من الثالث فإن کان المقام بحیث ینتزع من دعواه دعوی
کتابمحاضرات فی الاصول (تشتمل علی تنبیهات الاستصحاب و التعادل و الترجیح و الاجتهاد و التقلید): تقریر الابحاث الامام الخمینی (س)صفحه 228 الانتقال من المدّعی فینقلب الدعوی وإلاّ فلا . ویختلف ذلک باختلاف المقامات فالأوّل مثل ما إذا أقرّ بکونه للمدّعی فی أوّل الظهر من الیوم مثلاً وادّعی کونه لنفسه فی دقیقة بعده فینتزع العرف والحاکم من هذا الإقرار وذاک الدعوی دعوی الانتقال من المقرّ له إلیه .
هذا کلّه حکمه ما إذا اُحرز بالبیّنة أو بعلم الحاکم أو إقرار ذی الید الملکیة السابقة للمدّعی .
وأمّا إذا اُحرز بأحدها حالة الید سابقاً من الإجاریة والأمانیة ونحوهما فتسقط الید الفعلیة عن الحجّیة ، إذ أماریتها موقوفة علی کونها مشکوکة وباستصحاب الید السابقة یرتفع الشکّ وینقلب الدعوی ، سواء کان ذلک بعلم الحاکم أو البیّنة أو إقرار ذی الید .
لا یقال : لا اعتبار بعلم الحاکم فی مقام فصل الخصومة .
فإنّه یقال : ولکنّه یعتبر علمه فی مقام تشخیص المدّعی والمنکر .
هذا کلّه إذا کان المال ممّا یقبل النقل والانتقال .
کتابمحاضرات فی الاصول (تشتمل علی تنبیهات الاستصحاب و التعادل و الترجیح و الاجتهاد و التقلید): تقریر الابحاث الامام الخمینی (س)صفحه 229