الأمر الرابع
فی الطلب والإرادة
قد اختلفت کلماتهم فی اتحاد الطلب ـ الذی هو معنی الأمر عندهم ـ مع الإرادة مفهوماً، أو هو ومصداقاً، أو لا هو مفهوماً، ولا مصداقاً، علیٰ أقوال ثلاثة:
فعن المشهور من الإمامیّة والمعتزلة: هو الاتحاد مصداقاً.
وعن بعض آخر: اتحادهما مفهوماً.
وعن الأشاعرة: اختلافهما مصداقاً ومفهوماً.
ولمّا عرفت منّا سقوط المعنی المشهور من کونه بمعنی الطلب، بل الأمر بمادّته موضوع للصیغ بمالها من المعانی، ولا ربط له بالطلب ونحوه فی عالم المفهومیّة، سقط البحث عن هذه المسألة هنا؛ لعدم ربط لها بالمقام.
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 2)صفحه 21 والعجب أنّ الأعلام أوقعوا أنفسهم فی مسألة وعویصة أجنبیّة عن هذه المسائل، وبعیدة عن أفهام المحقّقین، فضلاً عن المشتغلین بالعلوم الاعتباریّة!! وکأنّ ذلک لمجرّد المساس، ولتناسب بعید جدّاً؛ فإنّ من کون الأمر بمعنی الطلب، ذهب ذهنهم إلی الطلب والإرادة، ومن لفظة «الإرادة» سافر إدراکهم إلی الإرادة التکوینیّة والتشریعیّة، ومن تلک الصفة إلی اختیاریّتها ولا اختیاریّتها، ومن ذلک إلی مسألة الجبر والتفویض، ولمّا عرفت منّا انقطاع رأس السلسلة، وأجنبیّة مادّة الأمر عن مفهوم الطلب، تسقط هذه العواقب المستتبعة.
ولکن لعدم خلوّ کتابنا من بعض ما یقرب من أفهام المحصّلین ـ من المسائل المربوطة فی المقام هنا باللغة، والاُصول، والکلام، دون الفلسفة العلیا ـ نشیر إلیٰ تلک المسائل فی ضمن جهات :
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 2)صفحه 22