رابعها : فی تحقیق قاعدة استلزام امتناع التقیید للإطلاق
القاعدة المعروفة، إن اُرید منها أنّ امتناع التقیید متّصلاً ومنفصلاً بالأمر الإرشادیّ، یستلزم امتناع الإطلاق، فهو فی غایة المتانة.
وأمّا إذا اُرید منها أنّ ما امتنع تقییده بدلیل متّصل أو منفصل ـ کالأمر الثانی المولویّ ـ امتنع إطلاقه، فهو ممنوع؛ لما عرفت منّا: من أنّ المراد من «الإطلاق» فی باب المطلق والمقیّد لیس ما اشتهر؛ وهو دلالة اللفظ بعد تمامیّة مقدّمات الإطلاق علی الإطلاق والسریان، بل هو من الدلالات العقلائیّة والعقلیّة، متّخذة من الفعل الاختیاریّ الصادر عن الفاعل المختار الملتفت العالم بالأطراف.
وإذا امتنع التقیید بالمتّصل فله إفادة مرامه بدلیل آخر إرشاداً إلیه.
وإذا سکت عن ذلک یعلم : أنّ ماهو تمام الموضوع لمرامه ومقصوده، هی نفس الطبیعة والصلاة، ولا خصوصیّة مأخوذة فیها، ولیس هذا من الإطلاق المقامیّ، کما لایخفیٰ.
کما إنّ المراد من «الإطلاق» فی القاعدة، لیس الإطلاق المقامیّ، وإلاّ فلا تصحّ القاعدة مطلقاً.
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 2)صفحه 151 فالذی تحصّل : أنّ القاعدة غیر قابلة للتصدیق علیٰ ما یستظهر منها؛ وهو أنّ من شرائط انعقاد الإطلاق، إمکان التقیید بالمتّصل، وأمّا علیٰ ما احتملناه فی مفادها، فهی قاعدة صحیحة عرفیّة بلا شبهة وریب.
ثمّ إنّه ربّما یمکن دعویٰ: أنّ المراد من هذه القاعدة «أنّ کلَّما امتنع التقیید امتنع الإطلاق» هو امتناع الإطلاق لأجل الجهة التی امتنع التقیید، لا لأجل الامتناع بالغیر؛ لأنّ معنی الإطلاق هو التقییدات ولحاظ کافّة القیود، ومنها : قید قصد الأمر والامتثال، فامتناع الإطلاق أیضاً بالذات. ولکنّه خلاف ظاهرها کما هو الواضح.
مع أنّ الإطلاق لیس معناه جمع القیود، بل هو رفض القیود، وتقسیم الإطلاق إلی النظریّ والطبیعیّ، غیر تامّ، کما لایخفیٰ.
فتحصّل إلیٰ هنا : أنّ ما اشتهر من أصالة التعبّدیة عند الشک، غیر قابل للتصدیق؛ إمّا لعدم تمامیّة المقدّمتین، أو لعدم تمامیّة المقدّمة الثانیة، فمقتضی إطلاق الأدلّة الأوّلیة عدم التعبّدیة.
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 2)صفحه 152