التمسّک بالاستصحاب لإثبات عدم المطهّریة
وقبل الـخوض فیما یدلّ علیٰ مرامنا، نشیر إلـیٰ مقتضی الأصل فی الـمسألـة؛ وهو الاستصحاب الـحاکم ببقاء الـحدث والـخبث، أو الـحاکم بعدم تحقّق الـطهارة الـتی هی شرط الـصلاة وغیرها؛ بناءً علیٰ أن یقال: بعدم الأثر للاستصحاب الأوّل.
ولک دعویٰ: أنّ الـواجب لـیس إلاّ الـوضوء والـغسل، ولا شیء وراءهما حتّیٰ یتمسّک بالاستصحاب؛ وجودیّاً کان، أو عدمیّاً.
نعم، لـو شکّ فی صدق «الـغسل» مع ماء الـورد وغیره، فمقتضی الأصل هو الاحتیاط والإتیان بالـمصداق الـمعلوم؛ لـتمامیّـة الـحجّـة من قبلـه علیـه، ولا یجوز الاکتفاء بالـمشکوک، کما لا یخفیٰ.
وتوهّم: أنّ مطهّریـة الـمیاه والـمائعات عرفیّةٌ، خصوصاً بعضها بالـنسبة إلـیٰ الـقذارات الـعرفیّـة والأنجاس الـشرعیّـة، فلنا الـمطالـبـة بدلیل یمنع من مطهّریتها، وإمضاءُ مطهّریـة الـمیاه الـمطلقـة لا یورث ردعهم عن مطهّریـة ماء الـورد ـ مثلاً ـ قطعاً.
لا یقتضی إلاّ مطهّریتها فی الـجملـة، وهذا فی الـحقیقـة دلیل علیٰ خلاف الأصل الـمحرّر تأیـیداً لـفتاوی الـصدوق وغیره.
فبالجملة: قضیّـة الأصل هو أنّ مطهّریـة الـمیاه وغیرها، تحتاج إلـیٰ الـدلیل، وهی ثابتـة فی الـماء الـمطلق والـتراب، وفی غیرهما لابدّ من إقامـة الأدلّـة الـنافیـة والـمثبتـة، ومقتضی الأصل عند الـشکّ عدمها، کما عرفت.
کتابتحریرات فی الفقه: کتاب الطهاره (ج.۱)صفحه 47