البحث فی علم الجنس
وهو کـ «اُسامة» و«ثعالة» ، فلا إشکال فی أنّه یعامل معه معاملة المعرفة ، فیقع مبتدأ وذا حال ویوصف بالمعرفة .
والمنقول هنا فی إجراء أحکام المعرفة علیه وجهان :
الأوّل : أنّ تعریفه تعریف لفظی ، کالتأنیث اللفظی ، ومفاده عین مفاد اسم الجنس بلا فرق بینهما .
الثانی : أنّه موضوع للطبیعة لا بما هی هی ، بل بما هی متصوّرة ومتعیّنة بالتعیّن الذهنی .
وأورد علیه المحقّق الخراسانی : من أنّه یمتنع حینئذٍ أن ینطبق علی الخارج ویحتاج إلی التجرید عند الاستعمال ویصیر الوضع لغواً .
وأجاب عنه شیخنا العلاّمة ـ أعلی الله مقامه ـ بأنّ اللحاظ حرفی لا اسمی ، وهو لا یوجب امتناع انطباقه علی الخارج .
وفیه : أنّ کون اللحاظ حرفیاً لا یخرجه عن کون موطنه هو الذهن ، فلا محالة یتقیّد الطبیعة بأمر ذهنی وإن کان مرآة للخارج ، ولکن ما ینطبق علی الخارج هو نفس الطبیعة لا المتقیّدة بأمر ذهنی .
وکون اللحاظ مرآتیاً لیس معناه عدم تقیّدها به أو کون وجوده کعدمه ؛ إذ بأیّ معنی فسّر هذا اللحاظ فلا محالة یکون علم الجنس متقوّماً به حتّی یفترق عن
کتابتهذیب الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث الاستادالاعظم والعلامه الافخم ... الامام الخمینی (س)صفحه 268 اسمه ، والمتقوّم بأمر ذهنی لا ینطبق علی الخارج .
ویمکن أن یقال : إنّ الماهیة فی حدّ ذاتها لا معرفة ولا نکرة ، لا متمیّزة ولا غیر متمیّزة ، بل تعدّ هـذه مـن عوارضها کالوجـود والعدم ؛ لأنّ التعریف فی مقابل التنکیر عبارة عن التعیّن الواقعی المناسب لوعائه ، والتنکیر عبارة عن اللا تعیّن کذلک .
علی أنّ واحداً من التعریف والتنکیر لو کان عین الطبیعة أو جزئها یمتنع عروض الآخر علیها . فحینئذٍ لا بأس بأن یقال : إنّ اسم الجنس موضوعة لنفس الماهیة التی لیست معرفة ولا نکرة ، وعلم الجنس موضوع للماهیة المتعیّنة بالتعیّن العارض لها ؛ متأخّراً عن ذاتها فی غیر حال عروض التنکیر علیها .
وبالجملة : اسم الجنس موضوع لنفس الماهیة ، وعلم الجنس موضوع للطبیعة بما هی متمیّزة من عند نفسها بین المفاهیم ، ولیس هذا التمیّز والتعیّن متقوّماً باللحاظ ، بل بعض المعانی بحسب الواقع معروف معیّن ، وبعضها منکور غیر معیّن .
ولیس المراد من التعیّن هو التشخّص الذی یساوق الوجود ؛ حتّی یصیر کالأعلام الشخصیة ، بل المراد منه التعیّن المقابل للنکارة . فنفس طبیعة الرجل لا تکون نکرة ولا معرفة ، فکما أنّ النکارة واللا تعیّن تعرضها ، کذلک التعریف والتعیّن ؛ فالتعریف المقابل للتنکیر غیر التشخّص .
فظهر : أنّ الماهیة بذاتها لا معروف ولا منکور ، وبما أنّها معنی معیّن بین سائر المعانی وطبیعة معلومة فی مقابل غیر المعیّن معرفة .
فـ «اُسامة» موضوعة لهذه المرتبة ، واسم الجنس لمرتبة ذاتها ، وتنوین التنکیر یفید نکارتها ، واللا تعیّن ملحق بها کالتعیّن .
کتابتهذیب الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث الاستادالاعظم والعلامه الافخم ... الامام الخمینی (س)صفحه 269 ثمّ الظاهر : أنّ اللام وضعت مطلقاً للتعریف ، وأنّ إفادة العهد وغیره بدالّ آخر ، فإذا دخلت علی الجنس وعلی الجمع تفید تعریفهما وأفادت الاستغراق ؛ لأنّ غیر الاستغراق من سائر المراتب لم یکن معیّناً ، والتعریف هو التعیین ، وهو حاصل مع استغراق الأفراد لا غیر .
وما ذکرنا فی عَلم الجنس غیر بعید عـن الصواب ؛ وإن لم یقم دلیل علی کونـه کذلک ، لکن مع هذا الاحتمال لا داعی للذهاب إلی التعریف اللفظی البعید عـن الأذهان .
کتابتهذیب الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث الاستادالاعظم والعلامه الافخم ... الامام الخمینی (س)صفحه 270