تنبیه : فی حکم تعلّق النهی بجزء العبادة أو شرطها أو وصفها
قد تقدّم الکلام فی النهی المتعلّق بنفس العبادة ، فبعد البناء علی فسادها بتعلّقه بها فهل یوجب تعلّقه بجزئها أو شرطها أو وصفها اللازم أو المفارق فسادها أو لا ؟
ومحطّ البحث هو اقتضاء الفساد من هذه الحیثیة لا الحیثیات الاُخر ، مثل تحقّق الزیادة فی المکتوبة أو کون الزائد المحرّم من کلام الآدمی أو غیر ذلک ممّا لسنا بصدده الآن .
التحقیق هو الثانی ؛ لأنّ البحث فیما إذا تعلّق بنفس الجزء لا بالکلّ ؛ ولو باعتباره . وحینئذٍ فمبغوضیة الجزء یوجب فساد نفسه لا الکلّ ، ولا تسری إلیه ، ولو کان قابل التدارک یأتی به ثانیاً ، وإلاّ فالفساد مستند إلی حیثیة اُخری من فقدان الجزء أو زیادته ، والنهی لم یوجب ذلک .
کتابتهذیب الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث الاستادالاعظم والعلامه الافخم ... الامام الخمینی (س)صفحه 89 وتوهّم : أنّ تحریم الجزء یستلزم أخذ العبادة بالإضافة إلیه بشرط لا ، مدفوع بعدم الدلیل علیه ، علی أنّه خارج من محطّ البحث ، کما عرفته .
وأمّا الوصف فلأنّ المبغوض لیس إلاّ الجهر ـ مثلاً ـ فی صلاة الظهر ، فلا یستدعی مبغوضیة الموصوف .
وإن شئت قلت : إنّ الأمر تعلّق بعنوان الصلاة أو القراءة فیها ، والنهی تعلّق بإجهار القراءة فیها ؛ بحیث یکون المنهی عنه نفس الإجهار وإضافة الإجهار إلی القراءة من قبیل زیادة الحدّ علی المحدود . والعنوانان فی محطّ تعلّق الأحکام مختلفان ، فلا یضرّ الاتّحاد مصداقاً .
ثمّ إنّ المراد من الوصف اللازم ما لا یمکن سلبه مع بقاء موصوفه ، کلزوم الجهر للقراءة ؛ حیث ینعدم القراءة الشخصیة مع إنعدام وصفها ؛ وإن یمکن إیجادها فی ضمن صنف آخر . ولیس المراد منه ما لا تکون فیه مندوحة فی البین ؛ بحیث یلازم الموصوف فی جمیع الحالات ؛ لامتناع تعلّق الأمر بشیء والنهی بلازمه غیر المنفکّ عنه . وقس علیه غیر اللازم من الوصف ؛ من حیث عدم الإبطال .
فتلخّص : أنّ المقام من قبیل اجتماع الأمر والنهی ، فالبطلان علی القول به مبنی إمّا علی منع کون المبعّد مقرّباً أو علی انتفاء الوصف فی الصلاة ، وهو أجنبی عن البحث ؛ لأنّ البحث فی اقتضاء کون النهی ذلک ، کما هو ملاک البحث عند تعلّقه بنفس العبادة .
نعم ، لو تعلّق النهی بالقراءة المجهور بها ؛ بحیث یکون بین العنوانین عموم مطلق فللتأمّل فیه مجال ؛ إذ لقائل أن یمنع جریان أحکام باب الاجتماع فیه ؛ لأنّ
کتابتهذیب الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث الاستادالاعظم والعلامه الافخم ... الامام الخمینی (س)صفحه 90 المطلق الواجب هو عین المقیّد الحرام ؛ فإنّ المطلق نفس الطبیعة ، ولیس قیداً مأخوذاً فیه . فالمقیّد هو نفس الطبیعة مع قید ، فیتّحد العنوانان فی حین توارد الأمر والنهی . وقد سبق أنّ وقوع العامّ والخاصّ المطلقین محلّ النزاع لا یخلو من إشکال .
وأمّا الشرط فکما لو تعلّق الأمر بالصلاة متستّراً وتعلّق النهی بالتستّر فی الصلاة بوجه خاصّ أو بشیء خاصّ ؛ لامتناع تعلّقه بالتستّر مطلقاً مع شرطیته فی الجملة ، وحینئذٍ فتعلّق النهی بصنف من التستّر ـ أعنی التستّر بوبر ما لا یؤکل لحمه ـ لا یقتضی إلاّ مبغوضیة شرطه لا المشروط ، ومبغوضیة التستّر بنحو خاصّ أو بصنف خاصّ لا ینافی محبوبیة الصلاة متستّراً ، فإنّ التقیید بالتستّر المأخوذ فیها أمر عقلی ، لیس کالأجزاء ، فیمکن أن یتقرّب مع التستّر بستر منهی عنه ، ولا یلزم اجتماع الأمر والنهی ، ولا المبغوض والمحبوب فی شیء واحد .
وأمّا علی القول بأنّ الأمر بالمقیّد ینبسط علی نفس الشرط کالجزء کان حکمه حکم الجزء کما عرفت .
والقول بأنّ فساد الشرط یوجب فقدان مشروطه خروج من محطّ البحث ؛ إذ الفساد من حیثیة اُخری لا ینافی عدم الفساد من جانب النهی ، کما أنّ ما ذکرناه فی الجزء والشرط والوصف حکم النهی التحریمی لا ما هو ظاهر فی الإرشاد إلی الفساد ، هذا حکم العقل . وأمّا الاستظهار من الأدلّة فلا مضایقة عن دلالتها علی الفساد أحیاناً .
کتابتهذیب الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث الاستادالاعظم والعلامه الافخم ... الامام الخمینی (س)صفحه 91
کتابتهذیب الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث الاستادالاعظم والعلامه الافخم ... الامام الخمینی (س)صفحه 92