جهات البحث فی مادّة الطهارة
والـبحث فی الـمادّة من نواحٍ شتّیٰ؛ لأنّـه قد یکون حول أنّ الـطهارة والـنجاسـة من الاُمور الـحقیقیّـة الـتی کشف عنها الـشرع الأقدس، أو الاعتباریّـة الـمجعولـة، أو هی من الاُمور الـمعلومـة الـعرفیّـة، إلاّ أنّ الـشرع تصرّف فیها توسعةً وتضییقاً.
وقد یکون حول أنّ الـطهارة والـنجاسـة من الـضدّین لاثالـث لـهما، أو مـن الـعدم والـملکـة، أو کالـعدم والـوجود من الـسلب والإیجاب، أو لهمـا الـثالـث؛ لمـا أنّهمـا اعتباریّـان مجعـولان، أو تکـون الـطهارة مجعولـة، دونهـا.
وقد یکون حول أنّ هذه الـمادّة، تقبل الاشتداد والـضعف بقول مطلق ولو کانتا من الاعتباریّات؛ لأنّ الاُمور الاعتباریّـة لا تقبل الاشتداد والـضعف الـحقیقیّ، دون الاعتباریّ، فتکون للملکیّـة مراتب شدیدة وضعیفـة کما صرّح بـه جماعـة، ومنهم الـفقیـه الـیزدیّ فی «ملحقات الـعروة» أو لاتقبل إلاّ علی الـقولین الأوّل والـثالـث.
أو یقال: بإمکان فرض الـتفاضل فیها، إلاّ أنّـه خلاف الـواقع؛ فإنّ اعتبار الـتزاید والـتفاضل یتقوّم بالـغرض، فلو وجدنا الـثمرة فهو، وإلاّ فلا حاجـة
کتابتحریرات فی الفقه: کتاب الطهاره (ج.۱)صفحه 21 إلـیـه، فلا ینبغی الـخلط بین الاُمور الـتکوینیّـة والاعتباریّـة، ولابدّ من الـتأمّل جدّاً.
هذا، وحیث إنّ الآیـة قاصرة عن إفادة مطهّریـة جمیع الـمیاه - ولو قلنا: بأنّ «الـطهور» هو الـمطهّر وأنّ «الإنزال» أعمّ من الإنزال الـمحسوس - فلا وجـه للغور فی الـمباحث الـمشار إلـیها، وسیأتی فی مطاوی الـمباحث الآتیـة ما یظهر لک من الـتحقیق فیها.
کتابتحریرات فی الفقه: کتاب الطهاره (ج.۱)صفحه 22