ومنها : أحکام تردّد المائع بین المطلق والمضاف
لو تردّد الـمائع بین الـمطلق والـمضاف، یتصوّر صور؛ لأنّـه:
تارة: یکون منشأ الـتردّد الـشبهـة الـموضوعیّـة.
واُخریٰ: مفهومیّـة.
وثالثة: هما معاً.
ولعلّ ما ورد فی کلام الـشیخ الأعظم من «الـشبهـة الـصدقیّـة» إشارة إلـیٰ ذلک.
وعلی الـتقدیر الأوّل
تارة: حالـتـه الـسابقـة هو الإطلاق.
واُخریٰ: هی الإضافـة.
کتابتحریرات فی الفقه: کتاب الطهاره (ج.۱)صفحه 99 وثالثة: لا تکون لـه الـحالـة الـسابقـة.
ورابعة: تکون لـه الـحالـتان الـمتواردتان، والـکلام فی الأخیر یأتی فی الـمباحث الآتیـة الـمناسبـة معها.
اختار الکلّ فی الفرض الأوّل جریان الاستصحاب الـموضوعیّ، وهکذا فی الفرض الثانی، وفیهما بحث؛ ضرورة أنّ الإطلاق لـیس من قیود الموضوع فی أدلّـة مطهّریـة الـماء، وهکذا الإضافـة، فما هو الـموضوع هو الـماء.
ثمّ إنّ الإطلاق والـتقیید، من الأوصاف الـمنوّعـة والـموجبـة لـتحوّل الـموضوع، فکما لـو شکّ فی أنّ الـکلب صار ملحاً لا یصحّ الـتمسّک بالاستصحاب؛ لأنّ الـوحدة الـمعتبرة فی الـموضوع فی الـقضیّتین الـمتیقّنـة والمشکوکـة، غیر محرزة، کذلک الأمر هنا، فعلیـه لا یمکن - وجداناً - أن یقال: «هذا کان کذا» لأنّـه ربّما یکون إشارة إلیٰ ما هو المباین مع الـسابق، فلاتغفل.
ومن هنا یتّجـه سقوط جریان الاستصحاب الـحکمیّ؛ لأنّ الـجامع الـمأخوذ فی الاستصحاب الـشخصیّ، لا یورث وحدة الـقضیّتین مثلاً، فکما لا معنیٰ لأن یقال: «هذا الـجسم کان نجساً» فی الـمثال الـمشار إلـیـه؛ لأنّ مصادیقـه متبادلـة الـهویّـة، کذلک لا یصحّ أن یقال: «هذا الـمائع کان مطهّراً» لأنّـه الـمفهوم الـجنسیّ.
فجریان الأصلین الموضوعیّ والحکمیّ، مشکل جدّاً، ودعوی' أنّ الإطلاق والإضافة من العوارض الشخصیّـة - کالـعلم والـجهل ـ فاسدة بالضرورة.
وممّا ینبّهک علیٰ تعدّد الـموضوع عرفاً، ذهابهم إلـیٰ طهارة الـمائع
کتابتحریرات فی الفقه: کتاب الطهاره (ج.۱)صفحه 100 الـمتبدّل من الـخمریّـة إلـی الـخلّیـة وبالـعکس، فافهم جیّداً.
ثـمّ إنّ مفهـوم «الإضافـة» و«الـماء الـمضاف» لـیس موضوعـاً فی الأدلّـة حتّیٰ یستصحب، بل الـمستفاد من الأدلّـة قضیّـة موجبـة معدولـة الـمحمول؛ وهی: «أنّ الـمائع غیر الـماء، لا یطهّر» واصطیاد الـموضوع الـکلّی الـمعلوم من الـموارد الـجزئیّـة، فی غایـة الإشکال، فعلیـه یمکن أن یقال: بعدم جریان الأصل الـموضوعیّ فی هذه الـمسألـة، خصوصاً لـتلک الـجهـة، کما لا یخفیٰ.
کتابتحریرات فی الفقه: کتاب الطهاره (ج.۱)صفحه 101