مقتضی الأصل العملی فی المقام
فبالجملة: تسقط الـطائفتان؛ لـتکافئهما، وحیث لا یندرجان تحت الأدلّـة الـعلاجیّـة عندنا، فلنا دعویٰ کفایـة استصحاب الـطهارة وقاعدتها؛ لإثبات الـطهارة والـمطهّریّـة:
أمّا الاُولیٰ: فهی معلومـة.
وأمّا الثانیة: الـتی هی الـمقصود بالأصالـة فی الـقلیل الـجاری دونها ـ خلافاً لـما یظهر من جلّهم، حیث غفلوا عن ذلک، وتمسّکوا بقاعدة الـطهارة ـ فهو أنّ مقتضیٰ أدلّـة الـمیاه، أنّها مطهّرة بذاتها وطبعها، ولکنّها إذا کانت نجسـة تکون الـنجاسـة مانعـة، وإذا تعبّدنا بطهارتها وعدم نجاستها، فتثبت مطهّریّتها، فتأمّل؛ فإنّـه لا یخلو من إشکالات واضحـة.
رجوع إلی النسبة بین أدلّة الکرّ وأدلّة الجاری
إن قلت: یمکن تقیید مفهوم الـحصر بأدلّـة الـجاری، ویمکن دعوی
کتابتحریرات فی الفقه: کتاب الطهاره (ج.۱)صفحه 208 انصراف أدلّـة الـکرّ إلـی الـراکد.
قلت: لا ضرورة أنّ مفاد الـحصر بالـتبادر، معارض لـجمیع ما یدلّ علیٰ خلافـه؛ أخصّ کان، أو أعمّ، أو مبایناً، وقد فصّلناه فی محلّـه، واخترنا أنّ مفهوم الـشرط والـوصف وما شابههما، غیر قابل للتقیید؛ للزوم الـخلف، وهذا مثلـه فی وجـه، والانصراف الـمزبور ممنوع بعد الـمراجعـة إلـیٰ أحادیث الـمسألـة.
نعم، یمکن دعویٰ أنّ الـعرف بعد الـمراجعـة إلـیٰ کثرة الـمآثیر الـدالّـة علیٰ خصوصیّـة الـمادّة والـبئر والـمطر والـجاری ـ مع خروج الـمطر والـحمّام من مفهوم الـحصر قطعاً، وتقدّم أدلّتهما علیـه ـ یفهم أنّ هذه الـروایـة الـدالّـة علی الـحصر، لـیست فی مقام إفادتـه، بل هی تفید الـفرد الـکامل، والـمتعارفَ بین الـناس، والأکثرَ وجوداً وابتلاءً... وغیر ذلک، فإنّـه بعد هذا الـوجـه تسقط دلالتها علی الـحصر، وتکون الـطائفـة الاُولیٰ بلا معارض، ویتمّ الـمقصود.
کتابتحریرات فی الفقه: کتاب الطهاره (ج.۱)صفحه 209