المراد من الدرهم والصاع

‏‏المراد من الدرهم والصاع‏

‏‏ ‏

‏‏ثمّ إنّ الـدرهم الـذی جعل معرّفاً لـلأرطال، فیـه خلاف أیضاً، وهکذا‏‎ ‎‏الـصاع؛ فإنّ فی الأعصار الـمتقدّمـة کانت تختلف أوزان الـدراهم، ویشهد‏‎ ‎‏لـذلک بعض الـمآثیر:‏

‏‏ففی «الـکافی» عن سعد بن سعد الأشعریّ قال: سألت أبا الـحسن ‏‏علیه السلام‏‎ ‎‏عن أقلّ ما تجب فیـه الـزکاة من الـبُرّ والـشعیر والـتمر والـزبیب.‏

‏‏فقال: «‏‏خمسة أوساق بوَسْق النبیّ ‏‏صلی الله علیه و آله وسلم‏‏».‏

‏‏فقلت: فکم الـوَسْق؟‏

‏‏فقال: «‏‏ستّون صاعاً»‏‎[1]‎‏.‏

‏
‏‎

‎‏وفی موثّقـة زرارة وبکیر، عن أبی جعفر ‏‏علیه السلام‏‏ قال: «‏‏أنبتت الأرض...‏‏»‏‎ ‎‏إلـیٰ أن قال: «‏‏والوَسْق ستّون صاعاً، وهو ثلاثمائة صاع بصاع‏‎ ‎‏النبیّ ‏‏صلی الله علیه و آله وسلم‏‏»‏‎[2]‎‏.‏

‏‏ومثلها الـمرسلـة عن أحدهما ‏‏علیهماالسلام‏‎[3]‎‏.‏

‏‏وفی الـمجمع : «وفی مکاتبـة جعفر بن إبراهیم إلـیٰ أبی الـحسن ‏‏علیه السلام‏‏:‏‎ ‎‏وأخبرنی أنّـه (یعنی الـصاع) یکون بالـوزن ألفاً ومائتین وسبعین وزنـة‏‎[4]‎‏...‏‎ ‎‏إلـیٰ أن قال: وفی الـحدیث: «‏‏کان صاع النبیّ ‏‏صلی الله علیه و آله وسلم‏‏ خسمة أمداد»‏‎[5]‎‏، ولـعلّـه‏‎ ‎‏کان مخصوصـاً بـه، وإلاّ فالـمشهور أنّ الـصاع الـذی کان فی عهده ‏‏صلی الله علیه و آله وسلم‏‎ ‎‏أربعـة أمداد»‏‎[6]‎‏ انتهیٰ.‏

‏‏و«‏‏الوزنة‏‏» تفسّر بـ «‏‏الدرهم‏‏» حسب مافی المآثیر، إلاّ أنّه أیضاً یحتاج إلی‏‎ ‎‏الـشاهد، مع اختلاف الـدراهم حسب الأمصار والأعصار؛ فإنّی قد رأیت فی‏‎ ‎‏بعض الـمتاحف اختلاف الـدراهم بکثیر، والأصغر منها یقرب رأس الـسبّابـة،‏‎ ‎‏وهذا الاختلاف لـیس فی الـمساحـة، بل الـظاهر منها اختلافها فی الـوزن‏‎ ‎‏أیضاً.‏

‏
‏‎

‎

‏‏فذلکة الموقف‏

‏‏ ‏

‏‏فتحصّـل إلیٰ هنـا :‏‏ عـدم إمکـان الـخروج عـن هـذه الـمجملات‏‎ ‎‏الـمترائیـة فی الـکلمات والـروایات مع شدّة الاختلاف، خصوصاً مسألـة‏‎ ‎‏اشتهار الـرطل فی المدنیّ، ففی مکاتبة الهمدانیّ ـ بعد أن یقول: اختلف‏‎ ‎‏أصحابنا فی الصاع، فبعضهم یقول: الـفطرة بصاع الـمدنیّ، وبعضهم یقول:‏‎ ‎‏الـفطرة بصاع الـعراقیِّـ قال فی ذیلـه: فأخبرنی بالـوزن فقال: «‏‏یکون ألفاً‏‎ ‎‏ومائة وسبعین درهماً‏‏».‏

‏‏هذا بحسب نقل «الـعیون»‏‎[7]‎‏ فانظر کیف فسّر الـصاع الـمدنیّ وزناً، ولم‏‎ ‎‏یفسّر غیره، مع أنّهما فی الـسؤال مذکوران؟!‏

‏‏وفی الـروایـة الـسابقـة قال: «‏‏والرطل مائة وخمسة وتسعون‏‏» وهذا‏‎ ‎‏هو الـرطل الـمدنیّ أیضاً.‏

‏‏وقد یتوهّم إمکان حمل الصحیحة علی التقیّـة‏‎[8]‎‏، وقد مضیٰ فساده‏‎[9]‎‏.‏

‏‏ومثلـه توهّم ضعف الـمرسلـة بالإرسال‏‎[10]‎‏، وقد عرفت وجهـه‏‎[11]‎‏،‏‎ ‎‏خصوصاً فی مثلها الـمعمول بها، والـمدّعیٰ علیٰ مضمونها الإجماع، فیکون‏‎ ‎‏الـخبران مختلفین، فإن کانا ظاهرین «فبأیّهما أخذتم جائز».‏

‏
‏‎

‎‏إلاّ أنّـه هنا غیر ممکن، فلابدّ من إثبات الإجمال، أو إرجاع الـمسألـة إلـیٰ‏‎ ‎‏ما قوّیناه؛ وهو أنّ الـماء غیر الـمنفعل، هو الـکثیر عرفاً الـمتسامح فیـه جدّاً،‏‎ ‎‏فیکون الـمراد من الـصحیحـة الـرطل الـمدنیّ الـذی هو الـشائع کما عرفت،‏‎ ‎‏ومن الـمرسلـة الـعراقیّ الـذی هو أیضاً شائع، فیتقارب الـمضمونان فی إفادة‏‎ ‎‏الـکثیر الـموضوع فی بعض الـمآثیر الـسابقـة لـعدم الـتنجّس.‏

‏‏ومثل هذا الـتقارب فی الـوزن الـتقارب فی الـمساحـة بین فتوی‏‎ ‎‏الـمشهور وما اشتهر فی الـعصر.‏

‏‏ ‏

‏‎ ‎

‏‎

‎