الطائفة الاُولیٰ : الروایات المتکفّلة لطهارة الماء
وأنّـه لا ینجّسـه شیء إلاّ غلبـة الـنجاسـة والـتغیّر بها؛ فإنّ قضیّـة إطلاقها، ومفهومِ انحصار الـنجاسـة بالـغلبـة والـتغیّر، عدم اعتبار الـکرّیـة فی مطلق الـمیاه، خرج منها الـقلیل الـراکد.
أقول: هی مع قطع الـنظر عمّا فی سند بعضها، واختصاصِ مورد جمع منها بالـغدیر والـنقیع؛ وهما الـراکد، وانصراف الآخر إلـیٰ مثلها؛ لاختصاص محالّها بالـمیاه الـراکدة، وصحّةِ الاتکاء علیٰ بعض الـقرائن الـحالـیّة فی مقام تأدیة الـحکم، أنّ موضوعها لـیس الـماء بطبیعتـه الـصادقـة علی الـقلیل والـکثیر، حتّیٰ یشمل الـجزء الـعقلیّ بالـضرورة، بل «الماء» فیها ـ بمناسبـة عروض الـتغیّر علیـه؛ وأنّـه من عوارض الـماء الـکثیر متعارفاً ـ هو الـماء الـکثیر، فتکون هذه الـطائفـة مهملـة بالـنسبـة إلـی الـکثرة والـقلّـة.
بل الأخبار هنا لـیست فی مقام بیان الـماء نوعاً وصنفاً، بل هی ناظرة إلـیٰ نجاستـه وکیفیّـة تأثیر الـنجس فی الـماء، فالـتمسّک بهذه الـطائفـة غیر تامّ جدّاً.
کتابتحریرات فی الفقه: کتاب الطهاره (ج.۱)صفحه 189 فبالجملة: إثبات الإطلاق لـهذه الـطائفـة فی غایـة الإشکال؛ لأنّ الـملحوظ فی موضوعها الـماء الـکثیر مع کونـه من حیث الـکثرة مهملاً؛ وأنّها هی الـکثرة الـبالـغـة کرّاً، أو غیر الـبالـغـة.
ومن هنا یعلم وجـه الـنظر فی استفادة نفی الـشرطیّـة من الـحصر؛ فإنّ موضوعـه إذا کان علی الـنحو الـمشار إلـیـه، فالـحصر تابع لـه بالـضرورة، فما اشتهر من الـتمسّک بمفهوم الـنبویّ: «الماء کلّه طاهر لاینجّسه شیء» وغیرِه، غیر ظاهر؛ لأنّ قولـه صلی الله علیه و آله وسلم: «إلاّ ما غیّر...» إلـیٰ آخره، شاهد علیٰ أنّ الـماء لوحظ مع الـکثرة الإجمالـیّـة، ولیس من قبیل قولنا: «الـماء جسم سیّال بارد بالـطبع» فافهم.
ومن هذه الـطائفـة مضمرة سَماعـة بن مِهْران، قال: سألتـه عن الـرجل یمرّ بالـمیتـة فی الـماء.
قال: «یتوضّأ من الناحیة التی لیس فیها المیتة».
وفی ثبوت الإطلاق للماء نظر واضح.
کتابتحریرات فی الفقه: کتاب الطهاره (ج.۱)صفحه 190