المقام الثانی : فی تحدید الکرّ حسب المساحة
وحیث إنّ الـمسألـة غامضـة، لا بأس بصرف عنان الـکلام فیها.
فنقول: اختلفت أرباب الـرأی والـفتوی فی ذلک إلـیٰ أقوال:
أحدها: ما ذهب إلـیـه الـمشهور؛ وهو أنّـه ثلاثـة أشبار ونصف طولاً وعرضاً وعمقاً، وقد ادّعی علیـه الإجماع فی «الـغنیـة».
وفی «الـخلاف» نسبتـه إلـیٰ جمیع الـقمیّـین وأصحاب الـحدیث، ولعلّ الـمراد من الأصحاب هنا هم الأخباریّون من الـعامّـة، لا الـمحدّثین من الـخاصّـة، فإنّهم هم الـقمیّـیون.
وقد یظهر الـمناقشـة فی الإجماع والـشهرة من «الـمعتبر» والـشیخ الـبهائیّ.
ثانیها: ما ذهب إلـیـه جماعـة من الأصحاب، کالـصدوق فی «الـفقیـه» وفی بعض نسخ «الـهدایـة» وهو أنّـه ثلاثـة أشبار عرضاً
کتابتحریرات فی الفقه: کتاب الطهاره (ج.۱)صفحه 307 وطولاً وعمقاً، وإلـیـه ذهب «الـمختلف» و«الـروض» و«الـمجمع» ومن الـعجب نسبتـه فی «الـسرائر» إلـی الـقمیّـین!! وهو مختار «نهایـة الإحکام» و«الـدلائل» وبعض أساتیذ «مفتاح الـکرامـة» ولعلّـه الـمعروف بین الـمعاصرین، کما أنّ «مجمع الـبحرین» نسب الـقول الأوّل إلـیٰ جمهور متأخّر الأصحاب رحمهم الله.
ثالثها: ما عن ابن الـجنید؛ وهو أنّـه ما بلغ تکسیره مائـة شبر، ولا أعرف لـه وفاقاً.
رابعها: ما عن الـقطب الـراوندیّ؛ وهو أنّـه ما بلغ تکسیره إلـیٰ عشرة أشبار ونصف، وهذا الـقولان بینهما غایـة الـخلاف.
خامسها: ما عن جماعـة من الـمعاصرین تبعاً «للمدارک» وهو أنّـه
کتابتحریرات فی الفقه: کتاب الطهاره (ج.۱)صفحه 308 ستّـة وثلاثون شبراً.
سادسها: ما فی «مفتاح الـکرامـة» أنّـه قال: «قال الاُستاذ فی «حاشیـة الـمدارک»: الـظاهر من الـروایـة الـشکل الـمدوّر...» إلـیٰ أن قال: «وعلیٰ هذا یصیر مجموع مکسّرها ثلاثـة وثلاثین شبراً تقریباً» انتهیٰ.
وقد اختاره الـشیخ الـمعاصر الـحلّی - مدّظلّه - فقال: «والـظاهر هو ما بلغ مجموعـه ثلاثـة وثلاثین شبراً ونصفاً وثمناً ونصف الـثمن».
سابعها : ما عن ابن طاووس من تجویزه الـعمل بجمیع ماروی، کما یستظهر من «استبصار» الـشیخ، ولکنّـه یرجع إلـی ما أسّسناه، ولیس قولاً فی مسألـة الـمساحـة.
ثمّ إنّ الـظاهر أنّ أبناء الـعامّـة، لایقولون بهذا الـتحدید فی الـکرّ، وعلیٰ هذا لامعنی لـرفع الاختلاف بین الـمآثیر؛ بحملها علی الـتقیّـة، فتدبّر جیّداً.
وأیضاً لـیست الـمسألـة إجماعیّـة، حتّیٰ یستکشف بـه أو بالـشهرة الـقریبـة منـه رأی الـمعصوم علیه السلام لـما تعرف أنّ الاختلاف الـشدید منشؤه
کتابتحریرات فی الفقه: کتاب الطهاره (ج.۱)صفحه 309 الأخبار، فما یظهر من الاتکاء علی الإجماع، ساقط جدّاً.
کتابتحریرات فی الفقه: کتاب الطهاره (ج.۱)صفحه 310