تقریر دلالة الآیة علی اللزوم من طریق الضدّ
هذا، وقد یقال فی تقریب الاستدلال بالآیة: بأنّ المتفاهم العرفی من الأمر بالشیء النهی عن نقیضه، فإیجاب الوفاء بالعقد یستلزم حرمة مخالفته ونقضه، والنقض والمخالفة قد یتحقّق بعدم تسلیم المبیع، وقد یتحقّق بالفسخ وحلّ العقد، وإذا تعلّق بالأوّل یفهم منه التکلیف، وإذا تعلّق بالثانی یفهم منه الوضع وعدم نفوذ فسخه، وهو مستلزم للزومه.
والحاصل: أنّ الوفاء بالعقد یستلزم النهی عن نقضه وحلّه، ومعنی حرمة نقضه بالفسخ عدم نفوذه، فیتمّ المطلوب؛ أی لزوم العقد.
أقول: عرفت أنّ فی الوفاء بالعقد ثلاثة احتمالات؛ الأوّل: أن یکون المراد بالوفاء به التسلیم والتسلّم الخارجیین وردّ المبیع والثمن، کما قلنا، والثانی: إبقاؤه وعدم حلّه، والثالث: کلیهما معاً:
فعلی الأوّل لا یمکن التمسّک بهذا التقریب؛ إذ نقض الوفاء هو عدم التسلیم، وهو حرام تکلیفاً، ولم یتعلّق النقض بالفسخ حتّی یحرم.
وعلی الثانی فالأمر أیضاً کذلک؛ إذ المراد بوجوب الوفاء حینئذٍ لیس وجوبه تکلیفاً؛ إذ لا معنی له فی نفس بقاء العقد، بل یکون المراد به الإرشاد، والإرشاد إلی عدم نفوذ الفسخ ولزوم العقد بذلک الوجه ـ أعنی حرمة نقضه، ومنه إلی عدم نفوذ فسخه، ومنه إلی لزوم العقد ـ من قبیل الاُحْجیة
کتابالبیع (ج. ۱): تقریر لما افاده الاستاذ الاکبر آیة الله العظمی الامام الخمینی (س)صفحه 219 والمعمّی، وهو بعید عن متفاهم العقلاء.
وأمّا علی الثالث فیتمّ المطلب؛ إذ المراد بوجوب الوفاء إیجاب الوفاء ـ بنحو مطلق ـ تکلیفاً، ویفهم منه حرمة نقضه، والنقض إن کان بعدم التسلیم فهو حرام تکلیفی، وإن کان بالفسخ فهو محرّم وضعاً؛ أعنی عدم نفوذه.
کتابالبیع (ج. ۱): تقریر لما افاده الاستاذ الاکبر آیة الله العظمی الامام الخمینی (س)صفحه 220