تقریب الاستدلال بالمستثنی
وأمّا وجه التمسّک بجملة المستثنی فنقول: فیه أیضاً الاحتمالان السابقان؛ إذ یمکن أن یکون المراد من قوله تعالی: «إلاَّ أنْ تَکُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ» بیان نفوذ التجارة عن تراضٍ بعد بیان عدم نفوذ الأسباب الباطلة.
ویمکن أن یکون لبیان حلّیة أکل المال الحاصل من التجارة عن تراضٍ، فتدلّ جواز التصرّف فی المال الحاصل من التجارة، ولازمه نفوذ التجارة وإمضاؤها.
کتابالبیع (ج. ۱): تقریر لما افاده الاستاذ الاکبر آیة الله العظمی الامام الخمینی (س)صفحه 193 وعلی تقدیر الاحتمال الأوّل، لا دلالة للآیة علی لزوم المعاطاة ولغویة فسخ المالک؛ لعدم إطلاق لها بالنسبة إلیه، إذ تنفیذ التجارة عن تراضٍ لا ینافی الفسخ ولا یرتبط به.
وأمّا علی الثانی، فدلالتها واضحة لا ریب فیها؛ إذ المعنی جواز تصرّف المالک فیما حصل له بالتجارة، وهذا الحکم ثابت للمالک بعد رجوع المالک الأوّل، فله أن یتصرّف فی ماله؛ لأنّه مال حاصل بالتجارة عن تراضٍ، فیصدق موضوع الآیة، ویجیء الحکم بعد صدق الموضوع؛ أعنی جواز التصرّف فیه، ولازمه لغویة فسخه وعدم تأثیره.
إن قلت: الموضوع فی الآیة مال المالک الحاصل بالتجارة، وبقاء هذا الموضوع بعد الفسخ غیر مسلّم؛ لاحتمال خروجه عن ملکه بالفسخ، فلا یصدق الموضوع بعد الفسخ.
قلت: لیس قید ملکیة المالک قیداً للموضوع؛ إذ الموضوع فی الآیة نفس الأموال من دون خصوصیة المالک فیها، والمراد: أنّ هذه الأموال التی بینکم لا تتصرّفوا فیما حصل لکم منها بأسباب باطلة، وتصرّفوا فیما حصل لکم بتجارة عن تراضٍ، فیکون المستثنی منه کنایة عن عدم حصول الملکیة بما حصل من الباطل، والمستثنی کنایة عن حصولها بما حصل من التجارة، فقید الملکیة للمالک یفهم بعد الحکم، وإن کانت قیداً للموضوع لا معنی لها؛ إذ لا معنی للنهی عن الأکل فیما یملکه من المال؛ لأنّه بعد کونه مالکاً لا إشکال فی تصرّفه فیه. فصحّة الحکم موقوفة علی أن یکون الموضوع نفس الأموال المتداولة بینهم. فما حصل منها بسبب باطل لا یحلّ التصرّف فیه؛ لعدم حصول الملکیة، وما حصل بسبب التجارة یحلّ التصرّف فیه؛ لحصولها، فقید الملکیة یکون بعد الحصول من
کتابالبیع (ج. ۱): تقریر لما افاده الاستاذ الاکبر آیة الله العظمی الامام الخمینی (س)صفحه 194 التجارة لا قبلها، وبناءً علیه فالموضوع المال الحاصل من التجارة، فیحلّ التصرّف فیه کیف شاء حتّی بعد رجوع المالک؛ إذ یصدق بعد رجوعه موضوع الحکم، لأنّه بعد الرجوع مال حصل من التجارة، ولیس قید کونه مالاً للمالک قیداً للموضوع.
کتابالبیع (ج. ۱): تقریر لما افاده الاستاذ الاکبر آیة الله العظمی الامام الخمینی (س)صفحه 195