النقطة السابعة
حول عمومیّة الصلاة والإنفاق من الواجب والمندوب
هذه الـکریمـة الـشریفـة جملـة إخباریّـة، ولکنّها تشیر وتومئ إلـیٰ الـترغیب بالإیمان بالغیب والـحثّ والإغراء بالصلاة والإنفاق.
وربّما یتوهّم الإشکال: فی أنّ الأعمّیـة من الـصلوات الـواجبـة والـمندوبـة، ومن الإنفاقات الـمفروضـة کالزکوات الـمفروضـة والـمستحبّـة، غیر ممکن؛ لأنّ الـجمع بین الـواجب والـمستحبّ، لایمکن إلاّ بعد إمکان الـجمع بین الـمعانی الـحرفیّـة؛ علیٰ ما تقرّر فی الاُصول.
وفیه: أنّ الـبعث الـواحد إلـیٰ الـواجب والـمستحبّ ولو کان غیر معقول، ولکن إفادة الـمطلوبیّـة الـمطلقـة والـمحبوبیّـة الـذاتیّـة معقول بالجملـة الـواحدة، وعلیٰ هذا یقال: إنّ قولـه تعالیٰ: «یُقِیمُونَ الصَّلاَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ یُنْفِقُونَ»، لـیس فی موقف إیجاب الإقامـة أو الإنفاق ولا فی مقام الاستحباب، بل هو فی موقف الإخبار الـملازم أحیاناً لـلترغیب نحو هذه الاُمور، فإنّ الـوجوب والاستحباب یُستفاد من الـقرائن الـوجودیّـة أو الـعدمیّـة الـحافّـة بالکلام، فلا مانع عقلاً من کون الآیـة الـشریفـة مشتملـة علیٰ إفادة الـمعنیٰ الإنشائی، ویکون بالنسبـة إلـیٰ الـصلوات الـواجبـة إنشاءً إیجابیّاً، وبالنسبـة إلـیٰ الـمندوبات استحبابیّاً، کما لایخفیٰ.
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 2)صفحه 436 فبالجملة: تحصّل أنّ ما زعمـه بعض الـمفسّرین من أرباب الـحدیث: بأنّ الـمراد من الـصلاة هی الـواجبـة ومن الـزکاة هی الـمفروضـة، فی غیر محلّـه، بل الـمراد معنیً أعمّ من الـواجب والـمندوب؛ لأنّ قوام الإسلام بالصّلاة من غیر نظر إلـیٰ وجهها من الـوجوب والـندب، وأساس الإسلام الـزکاة، وهی قنطرة الإسلام، وتلک عمود الـدین؛ من غیر فرق بین الـندب والـوجوب؛ لأنّهما من الـعناوین الـوهمیّـة؛ لاتختلف بهما الـحقائق الـمقصودة من الـتشریع الأصلی والأغراض الـعالیـة من الأمر بهما، بل الـنظر هنا إلـیٰ الـواجبات الـعقلیّـة الـقلبیّـة، والـمفروضات الـعقلیّـة الـقالَبیّـة الـبدنیّـة والـمالیّـة، الـتی بها قوام الـنظام الـفردی والاجتماعی، والـتی بها بناء الـحکومات والـسیاسات الـملکوتیّـة والـملکیّـة.
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 2)صفحه 437